الثلاثاء 08 أبريل 2025 الموافق 10 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

في يوم الصحة العالمي.. ماذا تقول الأبحاث عن تأثير الرياضة على الدماغ؟

ممارسة الرياضة
ممارسة الرياضة

مع كل خطوة نخطوها نحو نمط حياة صحي، تصبح ممارسة الرياضة أكثر من مجرد وسيلة لفقدان الوزن أو بناء العضلات، إذ تشير الأبحاث الحديثة إلى أن للرياضة تأثيراً عميقاً على الدماغ أيضاً، فهي لا تُنشّط الجسد فحسب، بل تُحفز الذهن وتعيد تشكيل طريقة عمل الدماغ بطريقة قد لا يدركها كثيرون.

وفي يوم الصحة العالمي، تبرز هذه العلاقة بين الرياضة وصحة الدماغ كواحدة من أهم الاكتشافات العلمية التي ينبغي أن نسلط الضوء عليها، فالدماغ البشري يتفاعل مع النشاط البدني بشكل مذهل، مما يؤدي إلى تحسينات في الذاكرة، والتركيز، والمزاج، وحتى الوقاية من أمراض الشيخوخة العقلية.

الرياضة كمنشط طبيعي للدماغ

عند ممارسة الرياضة، يقوم الجسم بإفراز عدد من المواد الكيميائية التي تؤثر بشكل مباشر على الدماغ، من أبرز هذه المواد هي الإندورفين والدوبامين والسيروتونين، وهي المسؤولة عن تحسين الحالة المزاجية وتقليل مستويات التوتر والقلق، هذه المواد تُعرف بقدرتها على خلق شعور بالسعادة وتحسين التوازن العاطفي، كما تساعد في تقليل أعراض الاكتئاب.

ولم يتوقف الأمر عند تحسين المزاج فقط، إذ أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية تعمل على زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، مما يعني تعزيز وصول الأوكسجين والمواد الغذائية إلى الخلايا العصبية، وهذا ما يؤدي بدوره إلى تحسين الأداء المعرفي والوظائف الذهنية.

التمارين ودورها في تحسين الذاكرة

وجدت أبحاث أجريت في جامعات مرموقة مثل جامعة هارفارد وستانفورد، أن الأشخاص الذين يمارسون التمارين بانتظام يمتلكون قدرة أكبر على التذكر واسترجاع المعلومات مقارنةً بأولئك الذين لا يمارسون أي نشاط بدني، يعود هذا إلى أن التمارين الهوائية مثل المشي السريع أو الركض أو ركوب الدراجة، تعمل على تنشيط منطقة الحُصين في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم.

كما أظهرت نتائج دراسات أخرى أن ممارسة الرياضة يمكن أن تساهم في نمو خلايا عصبية جديدة في الدماغ، وهي عملية كانت تُعتقد سابقاً أنها تتوقف بعد سن معينة، ولكن تبين الآن أن النشاط البدني يحفز الدماغ على الاستمرار في التجدد، وهو ما يُعرف بـ”اللدونة العصبية”.

الوقاية من أمراض التدهور العقلي

واحدة من أكثر فوائد الرياضة تأثيراً هي دورها في الوقاية من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر مثل الزهايمر والخرف، فوفقاً لدراسة نُشرت في مجلة Neurology، فإن الأشخاص الذين يمارسون نشاطاً بدنياً معتدلاً إلى مكثف لديهم فرصة أقل بنسبة 30 إلى 40% للإصابة بهذه الأمراض، مقارنةً بمن يعيشون حياة خالية من الحركة.

ويرجع السبب في ذلك إلى قدرة الرياضة على تقليل الالتهابات في الجسم، وتحسين مستوى السكر في الدم، وتقوية صحة الأوعية الدموية، وهي جميعها عوامل ترتبط ارتباطاً مباشراً بصحة الدماغ مع التقدم في العمر.

تحسين التركيز والقدرة على اتخاذ القرار

لا يقتصر تأثير الرياضة على تحسين المزاج أو الذاكرة فقط، بل يمتد أيضاً إلى الوظائف التنفيذية في الدماغ، مثل القدرة على التركيز، والتخطيط، واتخاذ القرارات، حيث تبين أن الأشخاص الذين يخصصون وقتاً منتظماً لممارسة التمارين يتمتعون بقدرة أعلى على تنظيم أفكارهم والسيطرة على المشتتات، كما يكون لديهم مرونة ذهنية أكبر في التعامل مع التغيرات والضغوط اليومية.

وقد أشارت دراسة أجريت في جامعة إلينوي إلى أن طلاب المدارس الذين يمارسون الرياضة قبل الحصص الدراسية يحققون نتائج أفضل في اختبارات الانتباه وحل المشكلات، مقارنةً بزملائهم الذين لا يشاركون في الأنشطة البدنية.

متى تبدأ هذه الفوائد بالظهور؟

الخبر السار هو أن هذه الفوائد لا تحتاج إلى شهور من التدريب حتى تبدأ بالظهور، فقد أظهرت بعض الدراسات أن الدماغ يبدأ بالاستجابة للتمارين بعد أول جلسة، حيث يبدأ تدفق الدم بالازدياد إلى الدماغ، وتبدأ المواد الكيميائية التي تحفز المزاج والنشاط الذهني بالارتفاع، وهو ما يشعر به البعض في شكل صفاء ذهني أو تحسن فوري في المزاج بعد ممارسة التمارين.

ومع الاستمرار في الرياضة لأسابيع وأشهر، تبدأ التأثيرات الأكثر عمقاً بالظهور مثل تحسن التركيز والنوم، وانخفاض مستويات التوتر، وتحسن الذاكرة طويلة الأمد.

الرسالة الأهم في يوم الصحة العالمي

في يوم الصحة العالمي، تبدو الرسالة واضحة، العناية بصحتنا لا تبدأ فقط من الطعام أو الابتعاد عن العادات السيئة، بل تبدأ أيضاً من اتخاذ قرار بسيط بالتحرك، فالنشاط البدني ليس رفاهية بل ضرورة لصحة العقل والجسم على حد سواء.

ومع تزايد الأدلة العلمية حول تأثير الرياضة على الدماغ، بات من الضروري إعادة النظر في نمط الحياة اليومي، فحتى المشي السريع لمدة 30 دقيقة في اليوم يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في صفاء ذهنك وحياتك النفسية والمهنية.

الدماغ هو مركز التحكم في كل ما نقوم به، وإذا كانت الرياضة وسيلة فعالة للحفاظ عليه نشيطاً وصحياً، فإن الالتزام بها يجب أن يكون أولوية لا خياراً.

تم نسخ الرابط