لافروف يحذر أوروبا.. لن نقبل بـ«لغة التفوق» في التعامل مع روسيا

حذر وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اليوم الأحد، الدول الأوروبية من مغبة الاستمرار في استخدام ما وصفه بـ«لغة التفوق» في التعامل مع بلاده، مؤكدًا أن روسيا لن تقبل بمثل هذه اللهجة في العلاقات الدولية، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما اعتبره تهويلاً سياسياً وإهانات متكررة من بعض الدول الغربية.
وقال لافروف، في تصريحات نقلتها وكالة «سبوتنيك» الروسية، إن التعامل مع روسيا لا يكون بالتعالي أو من منطلق القوة، مضيفاً: «على بعض القادة الأوروبيين أن يدركوا هذه الحقيقة سريعاً إذا كانوا يتمتعون بالعقلانية».
موسكو ترفض الضغوط السياسية والإعلامية
وفي لهجة قوية عكست موقفاً روسياً متشدداً، أشار لافروف إلى ما وصفه بـ"التحالف الراغب"، في إشارة إلى بعض القوى الغربية التي تسعى إلى محاصرة روسيا سياسياً واقتصادياً، داعياً إياهم إلى إعادة النظر في أسلوبهم ونهجهم السياسي، وأكد أن موسكو لن تلتزم الصمت في وجه أي محاولات لإهانتها أو ممارسة ضغوط مفرطة عليها.
وتابع الوزير الروسي: «نحن دولة ذات سيادة، وسندافع عن مصالحنا بكل الوسائل المتاحة. لا نقبل لغة الإملاءات، ولن نخضع أمام محاولات العزل أو تشويه صورتنا».
رفض واضح لما وصفه بـ«الميول النازية» في أوروبا
ولم تخلُ تصريحات لافروف من إشارات أيديولوجية، حيث حذر بشدة مما وصفه بـ«الميول النازية المتنامية في أوروبا»، في إشارة ضمنية إلى سياسات بعض الحكومات الغربية التي تنتقد روسيا وتساند خصومها في مناطق النزاع. وأوضح أن بلاده ترى في مواجهة هذه التيارات واجباً وطنياً وأخلاقياً، قائلاً: «سنفعل كل ما في وسعنا لضمان ألا ترفع النازية رأسها من جديد، وسنحرص على أن تعود أوروبا إلى قيمها الحقيقية».
وتُعد هذه التصريحات امتداداً لسردية يتبناها الكرملين منذ سنوات، تربط بين الحرب العالمية الثانية والدور الروسي في هزيمة النازية، وتنتقد في الوقت ذاته أي محاولة للتقليل من دور الاتحاد السوفيتي آنذاك في تحقيق النصر على ألمانيا النازية.
الكرملين يرفض تزوير التاريخ
وأكد لافروف أن موسكو تراقب عن كثب ما وصفه بمحاولات بعض الدول الغربية "لتزوير التاريخ"، خصوصًا فيما يتعلق بروايات الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية). واعتبر أن الدفاع عن هذه الرواية هو أحد ثوابت السياسة الخارجية الروسية، وهو ما يعكس أهمية الرمزية التاريخية في الخطاب السياسي الروسي المعاصر.
وشدد على أن الرئيس فلاديمير بوتين يولي هذا الملف أهمية خاصة، ويرى في الدفاع عن التاريخ الروسي أداة لمواجهة الحروب الإعلامية والنفسية التي تستهدف بلاده.
المواقف الروسية تتصلب في ظل التوترات الإقليمية
تأتي تصريحات لافروف وسط تصاعد التوترات بين روسيا والدول الغربية، لا سيما في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، والعقوبات المتبادلة، وسباق التسلح السياسي والإعلامي بين الطرفين. وتواصل موسكو التأكيد على أنها لن تتراجع عن مواقفها، رغم الضغوط المتزايدة، معتبرة أن الأمن القومي الروسي خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
ومن الملاحظ أن الخطاب الروسي، وعلى رأسه تصريحات لافروف، بات يتسم في الآونة الأخيرة بقدر عالٍ من الحدة والتصعيد، في ظل تدهور العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وتصاعد التصريحات الغربية حول ضرورة ردع موسكو وتحجيم نفوذها.
رسالة تحذير من موسكو إلى العواصم الغربية
وفي ختام كلمته، وجه لافروف رسالة تحذير واضحة إلى الدول الغربية، مؤكدًا أن أي محاولة لتهميش روسيا أو التحدث معها بـ«لغة الغطرسة» ستؤدي إلى نتائج عكسية.
وأضاف: «من الأفضل للجميع أن يعترفوا بحقائق الجغرافيا السياسية، ويتعاملوا مع روسيا كشريك متكافئ لا كخصم يجب تقويضه».
وتعكس هذه التصريحات إصرار موسكو على الحفاظ على مكانتها الدولية، وعدم التنازل عن مواقفها، ما ينبئ بمزيد من التوتر على الساحة الدولية، في حال استمرار تجاهل العواصم الغربية للمطالب الروسية، وتبنيها سياسة المواجهة بدلاً من الحوار.