الصيف وضربات الشمس.. مخاطر حقيقية تستدعي المعرفة بالإسعافات الأولية

يأتي الصيف كل عام حاملاً معه درجات حرارة مرتفعة قد تصل إلى مستويات قياسية في بعض المناطق، الأمر الذي يُشكل تهديدًا صحيًا مباشرًا على فئات واسعة من الناس، خصوصًا الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ويُعد من أبرز المخاطر المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة هو التعرض لما يُعرف بـ ضربات الشمس، وهي حالة طبية طارئة تستوجب التدخل السريع، وتزداد احتمالية وقوعها خلال أيام الصيف التي ترتفع فيها درجات الحرارة والرطوبة، خاصةً مع التعرض المباشر والطويل لأشعة الشمس.
ما هي ضربة الشمس؟
ضربة الشمس تُعرف بأنها الحالة التي يفشل فيها الجسم في تنظيم حرارته الداخلية بسبب التعرض المفرط لأشعة الشمس أو العمل في بيئة حارة دون وسائل تبريد كافية، وتؤدي هذه الحالة إلى ارتفاع حرارة الجسم إلى أكثر من 40 درجة مئوية، وهي درجة خطيرة قد تُهدد حياة الشخص إن لم يتم التعامل معها بسرعة وفعالية، وتُعد ضربة الشمس من أكثر الإصابات شيوعًا خلال الصيف بسبب التواجد في أماكن مغلقة أو مفتوحة بدون تهوية مناسبة أو ترطيب كافٍ.
أعراض ضربة الشمس التي يجب التنبه لها
من أبرز الأعراض التي تُشير إلى أن الشخص قد يكون مصابًا بضربة شمس، ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل مفاجئ، احمرار الجلد وجفافه نتيجة توقف التعرق، الشعور بالغثيان أو التقيؤ، صداع شديد أو دوخة متكررة، تسارع في ضربات القلب، تغير في الحالة العقلية كالهذيان أو التهيّج أو حتى فقدان الوعي، وقد تتطور الحالة إلى تشنجات عضلية أو فشل عضوي إن لم تُعالج سريعًا.
هذه الأعراض تكون أكثر وضوحًا وشدة في الصيف الحار، خاصة عند ممارسة النشاطات البدنية المكثفة مثل الرياضة أو العمل في مواقع البناء أو الزراعة أو التنقل لمسافات طويلة تحت الشمس.
إسعافات أولية لإنقاذ المصاب بضربة شمس
تؤكد منظمات الصحة العامة أن سرعة التدخل تُعد العامل الحاسم في إنقاذ حياة من يتعرض لضربة شمس، وتتمثل الخطوات الأساسية للإسعاف في نقل المصاب فورًا إلى مكان ظليل أو مكيف بعيدًا عن مصدر الحرارة، ثم العمل على خفض حرارة الجسم بوسائل متعددة منها إزالة الملابس الزائدة، تبليل الجسم بالماء الفاتر وليس البارد، أو استخدام المناشف المبللة على الرأس وتحت الإبطين والفخذين.
من المهم أيضًا وضع المصاب في وضعية نصف جلوس مع رفع الساقين قليلًا لتحسين تدفق الدم، وفي حال كان المريض واعيًا يجب إعطاؤه كميات معتدلة من الماء أو السوائل التي تحتوي على أملاح مثل محلول الإماهة الفموية، أما في حال كان فاقدًا للوعي فيجب تجنب إعطائه أي شيء عن طريق الفم، مع استدعاء الإسعاف فورًا.
من هم الأكثر عرضة لضربات الشمس؟
في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، تزداد فرص الإصابة بضربات الشمس لدى بعض الفئات بشكل خاص، مثل كبار السن الذين تقل لديهم كفاءة الجسم في التعرق وتنظيم الحرارة، والأطفال الذين لا يستطيعون التعبير عن شعورهم بالحرارة أو العطش، وكذلك مرضى القلب والسكري والضغط، والأشخاص الذين يتناولون أدوية مدرّة للبول أو مضادة للهيستامين أو مضادة للاكتئاب.
كذلك يُعتبر الرياضيون والعمال في الأماكن المفتوحة مثل عمال النظافة والبناء من أكثر الفئات عرضة، خاصة إذا كانت فترات العمل طويلة ومتصلة تحت أشعة الشمس دون راحة كافية أو تناول سوائل بشكل دوري.
نصائح وقائية مهمة خلال الصيف
للوقاية من ضربات الشمس في أيام الصيف، يُوصى بالابتعاد عن التعرض المباشر للشمس خلال ساعات الذروة من 12 ظهرًا حتى الرابعة عصرًا، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة ذات ألوان فاتحة، مع استخدام القبعات والنظارات الشمسية والمظلات عند التواجد في الخارج.
كما يُنصح بشرب الماء بانتظام حتى في حال عدم الشعور بالعطش، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو السكر الزائد، إلى جانب الاهتمام بوجود التهوية الجيدة في أماكن العمل أو المنزل، وعدم ترك الأطفال أو كبار السن أو الحيوانات في السيارات المغلقة حتى لفترات قصيرة، وهي من السلوكيات الخطيرة جدًا خلال الصيف.
المجتمع ودوره في التوعية بمخاطر الصيف
من المهم أن يتحمل المجتمع دوره في نشر التوعية بمخاطر الصيف وتأثير الحرارة العالية على الصحة العامة، سواء من خلال الحملات الإعلامية أو التثقيفية في المدارس ومراكز العمل، أو عبر مبادرات بسيطة كإقامة نقاط توزيع المياه المجانية في الشوارع والمناطق العامة، وتوفير أماكن استراحة مكيفة لعمال الشوارع في أوقات الذروة.
مع حلول الصيف كل عام، تتكرر التحذيرات الصحية من ضربات الشمس وغيرها من الإصابات المرتبطة بالحرارة، ورغم خطورة هذه الحالات إلا أن التعامل السريع معها والالتزام بإجراءات الوقاية يقلل بشكل كبير من مضاعفاتها، لذا فإن معرفة الإسعافات الأولية والتصرف الصحيح عند الطوارئ يمكن أن يكون الفارق بين الحياة والموت، وهو ما يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من وعي كل فرد يعيش في بيئة حارة أو يعمل تحت أشعة الشمس.