الجيش السوداني يدفع قوات الدعم السريع للتراجع جنوب الخرطوم تحت القصف المدفعي

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، اليوم الإثنين، تطورات ميدانية متسارعة، تمثلت في تراجع قوات الدعم السريع عن المحور الجنوبي للمدينة عقب مواجهات عنيفة مع القوات المشتركة للجيش السوداني.
وأفاد مراسل قناة «آر تي» في الخرطوم أن تراجع الدعم السريع جاء تحت وطأة قصف مدفعي مكثف نفذته قوات الجيش، التي كثفت عملياتها العسكرية في محاولة لاستعادة السيطرة على المناطق الحيوية في جنوب المدينة.
اشتباكات عنيفة على أكثر من محور
ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن المواجهات التي دارت بين الجانبين شهدت مشاركة قوة ضخمة من الدعم السريع قوامها أكثر من 100 آلية عسكرية، شملت مدرعات وآليات قتالية مختلفة، خاصة على جبهة مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش تمكن من تحقيق تقدم ميداني بعد قصف مكثف أجبر قوات الدعم السريع على التراجع وإعادة الانتشار.
تأتي هذه التحركات وسط استمرار المعارك العنيفة بين الطرفين في عدة ولايات سودانية منذ اندلاع النزاع في أبريل من العام الماضي، مما أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.
أوضاع إنسانية مأساوية في الفاشر
في سياق متصل، أكد الصادق علي نور، الناطق باسم حركة تحرير السودان، وهي إحدى الفصائل المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، أن مدينة الفاشر تشهد حاليًا هدوءًا حذرًا، عقب أيام من القتال العنيف.
وأشار نور إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت تجاوزات بحق المدنيين الفارين من معسكر زمزم، حيث استهدفتهم أثناء محاولتهم الوصول إلى منطقة طويلة، مرجحًا أن تكون هذه الاعتداءات على أسس عرقية.
وأضاف أن الأوضاع الإنسانية داخل الفاشر آخذة في التدهور بشكل مقلق، بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة، ما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء ونقص المواد الطبية. كما حذر من كارثة إنسانية وشيكة في حال استمرار إغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
البرهان يزور القاهرة لبحث تطورات الأوضاع
وعلى الصعيد السياسي، وصل الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للقوات المسلحة، إلى مطار القاهرة الدولي، في زيارة رسمية قصيرة التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وذكرت مصادر رسمية أن المباحثات بين الجانبين تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والسودان، فضلًا عن آخر التطورات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأوضاع الأمنية في السودان ومساعي دعم عملية السلام.
وأعرب الرئيس السيسي خلال اللقاء عن دعم مصر الكامل لوحدة السودان واستقراره، مؤكدًا استعداد بلاده لتقديم الدعم السياسي والإنساني للسودان في هذه المرحلة الحرجة.
من جهته، شدد البرهان على أهمية استمرار التنسيق مع مصر في مواجهة التحديات المشتركة، مثمنًا الدور الذي تلعبه القاهرة في دعم الشعب السوداني على كافة المستويات.
استمرار العملية التعليمية وسط التحديات
رغم التوترات الأمنية، انطلقت امتحانات الشهادة الابتدائية في ولاية الخرطوم وسط إجراءات أمنية وصحية مشددة.
وأفادت وزارة التربية والتعليم السودانية بأنه تم افتتاح 220 مركزًا امتحانيًا موزعة على جميع المحليات السبع للولاية.
وأكدت السلطات أن الامتحانات تسير بشكل جيد، وسط انتشار أمني مكثف لتأمين الطلاب والمعلمين، مع الالتزام بتطبيق البروتوكولات الصحية لمواجهة انتشار الأمراض المعدية.
وأشار مسؤولو التعليم إلى أن استمرار العملية التعليمية يمثل تحديًا كبيرًا في ظل النزاع المسلح، لكنه يعكس في الوقت ذاته إرادة السودانيين في الحفاظ على حق أطفالهم في التعليم رغم كل الظروف الصعبة.
أزمة إنسانية تتفاقم.. والمستقبل غامض
على الصعيد الإنساني، تتصاعد التحذيرات الدولية من كارثة وشيكة في السودان مع استمرار القتال وتعطل قنوات الإغاثة، وسط مطالبات دولية للأطراف المتنازعة بفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الغذائية والطبية.
وتشير التقارير الأممية إلى أن أكثر من 25 مليون شخص باتوا بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، فيما نزح ما يزيد عن 8 ملايين شخص من ديارهم منذ بدء الحرب الداخلية.
وفي ظل هذا الوضع المتأزم، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة الحوار لتجنيب البلاد مزيدًا من الانزلاق نحو الفوضى والانهيار الكامل.