دعاء نية الصيام في رمضان.. لا تغفل عنه لهذه الأسباب

يُعد دعاء نية الصيام في رمضان من الأمور التي يحرص عليها الصائمون خلال الشهر الكريم، حيث إن الصيام عبادة عظيمة فرضها الله على المسلمين، ويتطلب تحققها شروطًا وأركانًا، أولها النية، التي تُميز العبادات عن العادات، وثانيها الإمساك عن المفطرات.
لذا يتساءل الكثيرون عن حكم دعاء نية الصيام، وصيغته الصحيحة، ووقت التلفظ به، وما إذا كان يجب تكراره يوميًا أم يكفي نطقها مرة واحدة لشهر كامل، بالإضافة إلى أحكام متعلقة بالنية، مثل اشتراط التلفظ بها أو الاكتفاء بالقصد القلبي.
حكم دعاء نية الصيام في رمضان
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاءٌ محددٌ بلفظٍ معينٍ لنطق نية الصيام، حيث إن النية محلها القلب، ويكفي للمسلم أن يعزم على الصيام في قلبه امتثالًا لأمر الله تعالى، استنادًا إلى قول النبي: “إنما الأعمال بالنيات” (رواه البخاري). وعلى الرغم من ذلك، اعتاد بعض المسلمين على ترديد أدعية تعبر عن نية الصيام، مثل: “اللهم إني نويت أن أصوم رمضان كاملاً لوجهك الكريم، إيمانًا واحتسابًا، اللهم تقبله مني واغفر لي ذنبي”، وهو أمر جائز ولا بأس به، ما دام المسلم يعلم أن النية لا يشترط فيها التلفظ، بل يكفي العزم القلبي على أداء الصيام.
هل يجب تكرار نية الصيام يوميًا؟
اختلف الفقهاء حول وجوب تجديد النية كل ليلة من ليالي رمضان، حيث يرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة أن النية يجب تجديدها لكل يوم، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له” (رواه النسائي). بينما ذهب الإمام مالك إلى أن نية واحدة في بداية الشهر تكفي لصيام الشهر كله، بشرط عدم قطعها بعذرٍ مثل المرض أو السفر، ونصحت دار الإفتاء المسلمين بتجديد النية يوميًا لمن استطاع ذلك، أما من يخشى النسيان، فبإمكانه عقد نية واحدة لصيام الشهر في أوله.
متى يقال دعاء نية الصيام؟
تبدأ نية الصيام من وقت غروب الشمس حتى قبيل أذان الفجر، فالمسلم يكفيه أن يكون عازمًا على الصيام قبل الفجر، سواء في قلبه أو بتلفظه بأي دعاء يعبر عن النية، فإذا استيقظ المسلم لتناول السحور بنية الصيام، فإن ذلك يُعد نية صحيحة، أما إن نام المسلم ولم يستيقظ للسحور، لكنه كان ناويًا الصيام مسبقًا، فصيامه صحيح بإجماع العلماء.
حكم التلفظ بنية الصيام
اتفق جمهور الفقهاء على أن النية محلها القلب، ولا يشترط التلفظ بها، فالمهم هو القصد والعزم على الصيام، إلا أن بعض المذاهب مثل المالكية والشافعية أجازت التلفظ بها لتأكيد النية وتعويد النفس على استحضارها، لكن الحنابلة والحنفية رأوا أن التلفظ بها غير ضروري، لأن النية شأنها أن تكون في القلب.
أحكام متعلقة بنية الصيام
هناك بعض الأحكام الفقهية المرتبطة بنية الصيام، منها:
1.نية قطع الصيام:
ذهب المالكية إلى أن الصيام يبطل بمجرد نية قطعه، حتى لو لم يتناول الصائم مفطرًا.
بينما رأى الشافعية والحنفية أن الصيام لا يبطل بمجرد النية وحدها، ما لم يتبعها فعل كالأكل أو الشرب.
أما الحنابلة، ففرقوا بين التردد في النية، الذي لا يبطل الصيام، والجزم بقطعه، الذي يبطله حتى لو لم يأكل الصائم شيئًا.
2.النية والصيام المتتابع:
في صيام القضاء أو النذر أو الكفارات، يجب تجديد النية يوميًا، ولا تكفي نية واحدة للشهر كله.
3.نية الصيام بعد الفجر:
عند جمهور الفقهاء، لا تصح النية بعد الفجر في الصيام الواجب، أما في الصيام النافلة، فأجازها المالكية والشافعية بشرط عدم تناول مفطر منذ الفجر.
هل السحور يُعد نية للصيام؟
يُعد تناول السحور من أجل الصيام نيةً صحيحةً عند كثير من الفقهاء، بشرط ألا يرفض المسلم نية الصيام بعد تناوله للسحور، فالعبرة بالعزم الداخلي على الصوم، وليس فقط بالأقوال أو الأفعال.
ركن الإمساك عن المفطرات وأهم مبطلات الصيام
إلى جانب النية، فإن الإمساك عن المفطرات هو الركن الأساسي الثاني للصيام، وتشمل المفطرات ما يلي:
1.الأكل أو الشرب عمدًا، فإذا تناول المسلم أي طعام أو شراب متعمدًا بطل صيامه، أما إن كان ناسيًا، فصيامه صحيح.
2.إدخال أي شيء إلى الجوف من منفذ مفتوح، مثل الأنف أو الفم، كبلع الحبوب أو ابتلاع الماء عمدًا أثناء المضمضة.
3.تعمد القيء، أما من غلبه القيء فلا يفطر.
4.خروج دم الحيض أو النفاس، حيث يبطل صيام المرأة فور حدوثه.
5.الجماع في نهار رمضان، وهو من أعظم المفطرات، ويوجب الكفارة الكبرى.
6.تعمد إخراج المني بالمباشرة أو الاستمناء، أما الاحتلام فلا يفسد الصيام.
7.الردة عن الإسلام، فإن عاد المسلم للإسلام وجب عليه قضاء اليوم.
خلاصة الأحكام المتعلقة بنية الصيام
النية ركن أساسي في الصيام، ويكفي العزم القلبي عليها دون الحاجة للتلفظ.
لا يوجد دعاء معين وارد عن النبي لنطق نية الصيام، لكن يمكن ترديد الأدعية المتعارف عليها.
تجديد النية كل ليلة مستحب عند الجمهور، لكنه ليس شرطًا عند المالكية.
يجوز التلفظ بالنية لمن أراد، لكن الأهم أن تكون النية حاضرة في القلب.
السحور يُعد نيةً صحيحة للصيام ما دام المسلم لم ينوِ قطعه بعده.
بهذه الأحكام، يصبح المسلم على بينة من أمره فيما يتعلق بنية الصيام، ليتم صيامه على الوجه الذي يرضي الله، وليكون على دراية بأحكامه الصحيحة، حتى لا يقع في أي خطأ قد يؤثر على صحة صيامه.