الشيباني يؤكد في نيويورك.. دعم أممي لرفع العقوبات عن الشعب السوري

التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، اليوم الإثنين، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وذلك في مقر المنظمة الدولية بمدينة نيويورك الأمريكية، في إطار زيارة رسمية تهدف لتعزيز الحضور السوري في المحافل الدولية، وكسر العزلة السياسية المفروضة منذ سنوات.

وخلال اللقاء، جدّد غوتيريش تأكيده دعمه الكامل لرفع العقوبات المفروضة على الشعب السوري، معربًا عن قلقه من تأثير هذه العقوبات على الحياة اليومية للمواطنين السوريين وعلى الوضع الإنساني المتدهور في البلاد.

وأشار الأمين العام إلى ضرورة تحييد العمل الإنساني عن التجاذبات السياسية، وضمان وصول المساعدات دون معوقات إلى جميع المناطق السورية، مع التأكيد على أن تحسين الأوضاع الإنسانية لا يمكن أن يكون رهين حسابات سياسية ضيقة.

لقاء مع رئيس الجمعية العامة

وفي السياق ذاته، التقى الوزير السوري أيضًا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد فيليمون يانغ، حيث ناقشا سبل تفعيل الدور السوري داخل الأمم المتحدة، وتوسيع نطاق التعاون في المجالات التنموية والإنسانية.

وأكد يانغ، خلال اللقاء، أهمية دعم جهود سوريا في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، مشددًا على أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مساعدة الشعب السوري، بعيدًا عن أية اعتبارات سياسية.

وتم الاتفاق خلال اللقاء على استمرار التنسيق بين الوفد السوري والأجهزة المعنية في الأمم المتحدة بما يخدم القضايا العالقة، وعلى رأسها ملف إعادة اللاجئين ورفع الإجراءات القسرية المفروضة على دمشق.

مراسم رفع العلم السوري

وكان الشيباني قد وصل إلى مقر الأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأمريكية يوم 25 أبريل الجاري، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصب وزير الخارجية.

وشهدت الزيارة مشاركة الوزير السوري في مراسم رفع العلم السوري على مقر الأمم المتحدة، وسط حضور دبلوماسي وإعلامي محدود، في خطوة رمزية اعتبرها مراقبون بداية عودة تدريجية لسوريا إلى المشهد الدولي.

كما حضر الشيباني جلسة إحاطة عقدها مجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، حيث استمع إلى مداخلات ممثلي الدول الأعضاء بشأن الوضع السياسي والإنساني، وأجرى عدة لقاءات جانبية مع عدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب.

الموقف الأمريكي.. لا لقاءات معلنة

ورغم كثافة لقاءاته مع مسؤولي الأمم المتحدة، لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت زيارة الشيباني ستشهد اجتماعات مع مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويظل موقف واشنطن من التواصل المباشر مع دمشق شديد التحفظ، خاصة في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية ورفض الإدارة الأمريكية الحالية لأي تطبيع مع الحكومة السورية قبل تحقيق "تقدم ملموس" في العملية السياسية وفق القرار الأممي 2254.

مصادر دبلوماسية في نيويورك أشارت إلى أن هناك اتصالات غير رسمية تمت عبر قنوات خلفية، لكنها لم تصل إلى حد ترتيب لقاءات رسمية بين الشيباني ومسؤولي الخارجية الأمريكية أو البيت الأبيض.

رسالة سوريا إلى المجتمع الدولي

تحمل زيارة وزير الخارجية السوري إلى نيويورك رسالة مزدوجة: أولا، تأكيد تمسك سوريا بعضويتها الفاعلة في الأمم المتحدة رغم محاولات العزل السياسي، وثانيًا، تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية الناتجة عن العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ سنوات.

وفي تصريحات مقتضبة لوسائل الإعلام، شدد الشيباني على أن سوريا تمد يدها لكل من يريد التعاون وفق مبدأ احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وأضاف أن رفع العقوبات هو الخطوة الأولى لتمهيد الطريق أمام أي جهود حقيقية لإنهاء معاناة الشعب السوري، مشيرًا إلى أن بلاده مستعدة للانخراط في أي مبادرة تصب في مصلحة استقرار المنطقة.

دعم عربي وتحركات دبلوماسية مكثفة

الزيارة تأتي في وقت بدأت فيه بعض الدول العربية بإعادة علاقاتها مع دمشق، وهو ما اعتبره مراقبون مكسبًا إضافيًا للدبلوماسية السورية على الساحة الدولية.

ومن المتوقع أن يعقد الشيباني خلال الأيام المقبلة اجتماعات ثنائية مع عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في إطار مساعيه لحشد دعم دولي أوسع لإنهاء العقوبات والمساهمة في جهود إعادة الإعمار.

ويؤكد مراقبون أن الحراك الدبلوماسي السوري الأخير، وعلى رأسه زيارة الشيباني إلى نيويورك، يعكس توجهًا رسميًا لإعادة تفعيل الدور السوري دوليًا، بعد سنوات من العزلة السياسية التي فرضتها الحرب والأزمات الداخلية.