احذر هذه الإشارات.. كيف يؤثر الإفراط في استخدام الهاتف على سلوك طفلك؟

في الهاتف تكمن بداية المشكلة، أصبح «الهاتف» الذكي رفيقًا دائمًا في يد الطفل منذ سنوات عمره الأولى، وبينما يرى البعض أنه وسيلة تعليم وتسلية، إلا أن الاستخدام المفرط له ينطوي على «خطر خفي» قد لا يلاحظه الآباء إلا بعد فوات الأوان، حيث تتغير تصرفات الأطفال شيئًا فشيئًا لتتشكل تحت تأثير الشاشة الزرقاء، فتظهر عليهم علامات سلوكية «تحذيرية» تؤكد أن «الهاتف» لم يعد مجرد أداة بل أصبح مصدرًا للتأثير المباشر على الشخصية والانفعالات.
علامات نفسية مقلقة تظهر على الطفل
من أبرز الإشارات التي تدل على أن الطفل بات تحت سيطرة «الهاتف» هي التغيرات النفسية غير المبررة، فقد يلاحظ الوالدان أن طفلهما أصبح «عصبيًا» بصورة متكررة، أو يعاني من تقلبات مزاجية حادة، كما قد تظهر عليه أعراض «الاكتئاب الطفولي» أو الانسحاب من التواصل مع العائلة، إذ يؤدي الاستخدام المطوّل لـ«الهاتف» إلى تقليل الإفرازات الدماغية المسؤولة عن التوازن النفسي، ما يجعله أكثر عرضة للانفعال أو الانطواء.
انخفاض التركيز وتراجع الأداء الدراسي
واحدة من العلامات الواضحة هي تراجع القدرة على التركيز والانتباه، فالطفل الذي يقضي ساعات يوميًا على «الهاتف» في مشاهدة مقاطع الفيديو أو ممارسة الألعاب يفقد تدريجيًا مهارات التركيز، ويتراجع تحصيله الدراسي بشكل ملحوظ، كما يواجه صعوبة في حل الواجبات أو الجلوس لفترة كافية لمذاكرة دروسه، وهذا التراجع لا يرتبط فقط بالمحتوى المقدم على الشاشة، بل أيضًا بطريقة عمل الدماغ نفسه الذي يعتاد على التنقل السريع بين المؤثرات دون عمق أو تفكير.
سلوك عدواني متزايد
من أخطر التحولات التي تظهر على الطفل المدمن على «الهاتف» هو ميله للسلوك العدواني، خاصة إذا كان يتعرض لمحتوى غير مناسب لعمره مثل الألعاب القتالية أو مقاطع الفيديو التي تتضمن مشاهد عنف، إذ يبدأ الطفل في تقليد ما يراه دون وعي، ويترجم ذلك إلى مشاحنات مع إخوته أو حتى زملائه في المدرسة، كما يصبح أكثر استعدادًا للصراخ أو استخدام كلمات نابية تعلمها من الإنترنت.
اضطرابات النوم والأرق
قد يبدو «الهاتف» في متناول اليد حتى وقت متأخر من الليل، إلا أن ذلك ينعكس سلبًا على جودة نوم الطفل، حيث يؤدي الضوء الأزرق المنبعث من الشاشة إلى تقليل إفراز مادة الميلاتونين، وهي المسؤولة عن تنظيم النوم، مما يؤدي إلى معاناة الطفل من «الأرق» أو النوم المتقطع، كما يستيقظ في الصباح متعبًا وغير قادر على بدء يومه بنشاط، وهذا يؤثر بدوره على صحته الجسدية وأدائه المدرسي.
الإدمان والانفصال عن الواقع
من أكثر ما يثير القلق هو أن الطفل قد يصل إلى مرحلة من «الإدمان» الحقيقي على «الهاتف»، حيث يصبح من الصعب عليه التوقف عن استخدامه حتى لفترات قصيرة، وقد يُظهر «نوبات غضب» شديدة عند محاولات الأهل منعه من حمل الهاتف، بل ويشعر أحيانًا أن العالم الخارجي أقل إثارة من عالم الإنترنت، فيبدأ بالانفصال التدريجي عن الواقع، ويفقد اهتمامه باللعب التقليدي أو الخروج مع الأسرة.
كيف يتدخل الأهل قبل تفاقم الأزمة؟
في ظل هذه العلامات، تقع على عاتق الأهل مسؤولية كبرى في التعامل مع الظاهرة، أولها «وضع حدود واضحة» لاستخدام «الهاتف» حسب عمر الطفل، وضرورة أن يكون استخدامه خاضعًا للرقابة والمراقبة الأبوية، كما ينبغي تشجيع الأطفال على الانخراط في الأنشطة البدنية والفنية والتعليمية التي تُشبع احتياجاتهم النفسية والاجتماعية، مع تعزيز «الحوار الأسري» لبناء الثقة وتشجيعهم على مشاركة مشاعرهم دون خوف.
وفي ذات السياق، من المفيد تخصيص وقت يومي بدون أجهزة إلكترونية لتقوية التواصل بين أفراد العائلة، إلى جانب التوعية بمخاطر الاستخدام الزائد عن الحد، ويمكن أن يكون الأهل قدوة لأبنائهم في هذا الجانب من خلال تقليل استخدامهم للهاتف أمامهم.
يبقى «الهاتف» أداة ذات وجهين، أحدهما مفيد والآخر خطر، والطفل لا يدرك بعد كيفية التوازن بين العالمين، لذا فإن المراقبة الواعية والتوجيه المستمر هما طوق النجاة لتفادي أن يصبح الهاتف هو «الموجه الرئيسي» لسلوك الطفل وتفكيره.