ما هي التعتعة في قراءة القرآن؟ اكتشف معناها وأثرها على الأجر

تتعدد معاني الألفاظ والمصطلحات التي تُستخدم في تفسير وتوضيح النصوص الدينية في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن بين هذه المصطلحات التي تشغل بال الكثيرين هو ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حول التعتعة في قراءة القرآن، ففي حديث رواه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران»، وهو حديث يستحق التأمل والدراسة لفهم المقصود بالتعتعة وماذا تعني في سياق قراءة القرآن الكريم.
معنى التعتعة في قراءة القرآن
وقد ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عن معنى التعتعة في قراءة القرآن، ومدى تأثير ذلك على أجر القارئ مقارنةً بالماهر في تلاوة القرآن، وقد أثار هذا السؤال نقاشًا هامًا حول العلاقة بين الإتقان في القراءة والتردد أو التعتعة، وكيفية تفاعل الأجر مع المجهود المبذول في تعلم القراءة، فكان من المهم أن تبيّن دار الإفتاء المعنى الصحيح لهذا المصطلح، وتوضح الفوارق بين الذين يقرؤون القرآن بصعوبة وبين الذين يقرأونه بإتقان.
المقصود بالتعتعة
أوضحت دار الإفتاء أن المقصود بالتعتعة في الحديث هو التردد في القراءة والصعوبة التي يواجهها القارئ أثناء تلاوة القرآن، ويشمل هذا التردّد في نطق الحروف والكلمات، مما يؤدي إلى التوقف والرجوع أكثر من مرة خلال التلاوة، فالتعتعة لا تعني الجهل التام بالقراءة، بل تشير إلى التردد بسبب صعوبة الإتقان، سواء بسبب قلة التدريب أو بسبب ضعف القدرة على استيعاب أحكام التجويد بشكل كامل، ولتوضيح هذا المعنى، استشهدت دار الإفتاء بما ورد عن ابن الأثير في كتابه “النهاية”، حيث فسر التعتعة بأنها التردد في القراءة وتبلد اللسان، مما يعيق القارئ عن إتمام التلاوة بشكل سهل وسلس.
إن الحديث الشريف الذي يذكر أجرين للقارئ الذي يتعتع في القرآن هو تحفيز وتشجيع للمسلمين الذين يواجهون صعوبة في تلاوة القرآن، ويحثهم على الاستمرار في المحاولة رغم الصعوبات التي قد تواجههم، فالأجر الأول هو أجر القراءة نفسها، بينما الأجر الثاني هو أجر المشقة التي يتحملها القارئ في سبيل تعلم كتاب الله، وهذا يبعث الأمل في كل من يعاني من صعوبة في القراءة، ويعطيه دافعًا للاستمرار في المحاولة، لأن مشقة التعلم لا تذهب سدى بل تُجزى بأجرين من الله سبحانه وتعالى.
أما بالنسبة للماهر في القراءة، فإن الحديث النبوي يؤكد أن هؤلاء القُراء يكونون في مقام عظيم، حيث ينالون مع السفرة الكرام البررة، أي مع الملائكة المقربين، ما يعني أن الماهر في قراءة القرآن الكريم يحظى بمكانة عالية ورفيعة، فقراءة القرآن بطلاقة وإتقان تجعل صاحبها في مصاف المقربين من عباد الله الصالحين، وتُعد من أرفع الأعمال التي يمكن للمرء أن يؤديها في حياته.
إلا أن ذلك لا يقلل من فضل من يتعتع في القراءة، بل يشجعه ويحثه على مواصلة التلاوة والاجتهاد، فالمهم في هذا السياق هو السعي الدائم لتعلم القرآن وتحسين القراءة، فالتعتعة رغم كونها مؤشرًا على الصعوبة، هي في نفس الوقت دافع قوي للمسلم لتجاوز عقبات التلاوة وتحقيق التقدم في تعلم كتاب الله، وبالتالي فلا يجب أن ينظر القارئ إلى صعوبة القراءة على أنها عائق، بل يجب أن يكون على يقين أن كل لحظة يقضيها في تحسين قراءته تُحتسب له أجرًا، سواء كانت قراءته بطلاقة أو بتردد.
وتؤكد دار الإفتاء أن أجر القارئ الذي يتعتع في قراءته ليس بأقل من أجر الماهر بالقراءة، بل قد يكون له أجران بسبب الجهد والمشقة التي يواجهها، كما أنه يجب أن يفهم المسلم أن الأجر مرتبط بالنية والاجتهاد في طلب العلم والقراءة، وأن الله تعالى هو الأعلم بالنيات وما يُخفِي من معانٍ وأجر، ولا يضيع أجر من يعمل بجد واجتهاد.