حكم الكلام أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي
أكدت دار الإفتاء المصرية أن لـ الوضوء آدابًا يجب على المسلم مراعاتها أثناء أدائه، مشيرةً إلى أن الكلام أثناء الوضوء دون حاجة يُعدّ من الأمور التي تتعارض مع آداب الوضوء في المذهب الحنفي، ومكروهًا عند المالكية، بينما اعتبره الشافعية والحنابلة أمرًا خلاف الأولى، أي أنه لا يصل إلى درجة التحريم أو الكراهة التحريمية، لكنه ينافي الأفضل.
وأوضحت دار الإفتاء، في إجابتها عن سؤال ورد إليها بشأن حكم الكلام أثناء الوضوء، أن هذه المسألة قد تناولها العلماء في كتب الفقه عبر العصور، حيث استدلوا على ضرورة التزام الخشوع والسكينة أثناء الوضوء باعتباره مقدمةً للصلاة، التي تعدّ أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
آراء العلماء في حكم الكلام أثناء الوضوء
نقلت دار الإفتاء قول العلَّامة ابن مازه الحنفي في كتابه “المحيط البرهاني” (1/48)، حيث ذكر: “ومن الأدب: ألَّا يتكلم فيه بكلام الناس”، وأوضحت أن هذا الرأي يشير إلى أن الامتناع عن الكلام أثناء الوضوء يُعدّ من الآداب المستحبّة، لكنه ليس بواجب أو شرط لصحة الوضوء.
وأضافت دار الإفتاء أن العلَّامة ابن نجيم الحنفي، في كتابه “البحر الرائق” (1/30)، أكد على أن ترك الكلام أثناء الوضوء يُعتبر أدبًا، لكنه استثنى الحالات التي تستدعي الكلام لأمر ضروري، قائلًا: “ترك كلام الناس لا يكون أدبًا إلا إذا لم يكن لحاجة، فإن دعت إليه حاجة يخاف فوتها بتركه لم يكن في الكلام ترك الأدب؛ كما في ‘شرح المنية’”.
أما في المذهب المالكي، فقد ورد في كتاب “الشرح الصغير” للعلَّامة الدردير (1/127-128): “ويكره الكلام حال الوضوء بغير ذكر الله تعالى”، مما يدل على أن الكلام المباح في غير ذكر الله تعالى أثناء الوضوء يُعدّ مكروهًا، ولكنه لا يفسد الوضوء أو ينقص من أجره.
توجهات الشافعية والحنابلة
وفي المذهب الشافعي، أشار الإمام النووي في كتابه “المجموع” (1/465-466) إلى أن الامتناع عن الكلام أثناء الوضوء يُعدّ من سنن الوضوء المستحبّة، إذ قال: “قد ذكر المصنف أن سنن الوضوء اثنتا عشرة منها ألَّا يتكلم فيه لغير حاجة”، وأوضح أن بعض العلماء وصفوا الكلام أثناء الوضوء بأنه مكروه، إلا أن الإمام النووي بيّن أن الكراهة هنا تعني “ترك الأولى”، أي أنه يُفضل تجنبه، لكنه ليس محرمًا.
وعلى النهج نفسه، أشار العلَّامة الحجاوي المقدسي الحنبلي في كتابه “الإقناع” (1/30) إلى أنه: “لا يسن الكلام على الوضوء بل يكره، والمراد بالكراهة ترك الأولى”.
الكلام أثناء الوضوء بين الضرورة والذكر
ختامًا، أكدت دار الإفتاء أن الكلام أثناء الوضوء لا يفسد الوضوء ولا يبطل ثواب العبادة، ولكنه يُخالف الأدب والخشوع الذي يُستحب للمسلم الالتزام به في هذه اللحظات التي يستعد فيها لمناجاة ربه، وأوضحت أن ترك الكلام إلا للضرورة أو لذكر الله تعالى هو الأفضل، تحقيقًا للسكينة وحضور القلب في العبادة.
هذه الفتوى تأتي ضمن جهود دار الإفتاء المستمرة في توضيح الأحكام الشرعية المتعلقة بآداب العبادات، لتوجيه المسلمين نحو التزام السلوك الأمثل في حياتهم الدينية والروحانية.
وفي سياق أخر يواجه العديد من المسلمين أثناء أداء صلاتهم حالات من النعاس، التي قد تؤثر على تركيزهم وتعيقهم عن أداء عبادتهم بشكل صحيح، وقد يتساءل الكثيرون عن تأثير النعاس على صحة الوضوء والصلاة، هذا الموضوع يكتسب أهمية خاصة في حالات الصلاة الطويلة أو في ساعات الليل المتأخرة، حيث يكون الشخص أكثر عرضة للشعور بالتعب والنعاس، في هذا المقال يستعرض القارئ نيوز حكم النعاس أثناء الصلاة كما ورد في فتوى دار الإفتاء المصرية.
الفرق بين النعاس والنوم المستغرق
قبل الحديث عن تأثير النعاس على الصلاة، من المهم التمييز بين نوعين من النوم: النوم اليسير والنوم المستغرق، النعاس وهو حالة من الاسترخاء الجزئي، لا يسبب فقدان الوعي التام، أما النوم المستغرق فيتسبب في غياب الوعي الكامل للمصلي، فتوى دار الإفتاء المصرية تركز على هذا الفرق، موضحة أن النعاس لا يبطل الصلاة أو الوضوء، لكن النوم العميق الذي يسبب غياب الإدراك هو الذي يؤدي إلى نقض الوضوء وإبطال الصلاة.
حكم النعاس في الصلاة: هل يبطل الوضوء؟
استنادًا إلى فتاوى الفقهاء، أكدت دار الإفتاء المصرية أن النعاس أو النوم اليسير لا يؤثر على صحة الوضوء أو الصلاة، الفقهاء اتفقوا على أن الوضوء لا ينقض بسبب النعاس، حيث لا يعتبر هذا النوع من النوم حدثًا ناقضًا للوضوء، إذا كان المصلي في حالة نعاس خفيف، فإنه يبقى في حالة وضوء وصلاة صحيحة، أما إذا غلب النوم بشكل كامل على الشخص وغيّب وعيه، فهذا يستدعي إعادة الوضوء وإتمام الصلاة.
الأدلة الشرعية: حديث السيدة عائشة رضي الله عنها
استندت دار الإفتاء المصرية في توضيح حكم النعاس أثناء الصلاة إلى مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة، من أبرز هذه الأحاديث حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي روى الإمام البخاري في صحيحه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعلّه يستغفر فيسبّ نفسه”، هذا الحديث يؤكد على أن النعاس لا يبطل الصلاة وأنه من الأفضل للمصلي أن يريح نفسه إذا كان في حالة نعاس لكي يؤدي الصلاة بكامل تركيزه.