قصر الصلاة أثناء السفر: واجب أم رخصة؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي
تلقى العديد من المسلمين استفسارات حول حكم قصر الصلاة أثناء السفر، وما إذا كان ذلك واجبًا أم مجرد رخصة يمكن للمسافر اختيارها حسب حالته، هذه الأسئلة تُثار بشكل دوري في المجتمع الإسلامي، نظرًا لما لها من تأثير مباشر على صلاة المسافر، خاصة في ظل اختلاف آراء الفقهاء حول هذه المسألة، في هذا السياق قامت دار الإفتاء المصرية بتوضيح هذا الحكم الشرعي الهام، وتقديم شرح تفصيلي حول القصر والجمع أثناء السفر.
قصر الصلاة أثناء السفر
أوضح الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن قصر الصلاة أثناء السفر مسألة خلافيّة بين العلماء، حيث يختلف الفقهاء في تفسير هذا الحكم الشرعي، ويعتمد كل رأي على فهمه للحديث النبوي والسياقات الشرعية المتعلقة به، وقال الدكتور شلبي إن بعض العلماء، خاصة من أتباع المذهب الحنفي، يرون أن القصر أثناء السفر واجب على المسافر إذا توفرت شروطه، بينما يرى جمهور الفقهاء أن القصر ليس فرضًا ولكن رخصة يستطيع المسافر أن يلتزم بها أو يتركها حسب ظروفه.
وأكد شلبي أن كلا الخيارين جائز شرعًا، سواء اختار المسافر قصر الصلاة أو إتمامها، معتبراً أن المسألة تتعلق بما يشعر به الشخص المسافر من راحة أو مشقة في أداء الصلاة بشكل كامل أثناء السفر، ووفقًا لذلك إذا كان المسافر قادرًا على إتمام الصلاة فلا حرج عليه في ذلك، ولكن إذا وجد صعوبة أو مشقة فله أن يقصر الصلاة اتباعًا للرخصة التي أباحها الله للمسافرين.
أما بالنسبة لآراء الفقهاء في حكم قصر الصلاة، فبين مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الرأي القائل بوجوب القصر أثناء السفر هو رأي الحنفية، حيث يستندون إلى أحاديث نبوية تؤكد أن الصلاة في السفر قد فرضت ركعتين، من جانب آخر يرى المالكية أن القصر في السفر سنة مؤكدة بناءً على الأفعال التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره، والتي لم يُنقل عنه خلالها أنه أتم الصلاة.
من جهة أخرى، يتبنى الشافعية والحنابلة رأيًا يتسم بالتساهل بعض الشيء، حيث يعتقدون أن القصر هو رخصة للمسافر ويجوز له أن يختار بين قصر الصلاة أو إتمامها، ولكن في المذهب الحنبلي، يُفضل عادة أن يقصر المسافر الصلاة لما في ذلك من اتباع مستمر للنبي صلى الله عليه وسلم.
أما عن مسألة جمع الصلوات أثناء السفر، فقد أكد الأزهر أنه يجوز للمسافر جمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء سواء كان الجمع تقديمًا أو تأخيرًا، وذلك باتفاق معظم الفقهاء، وتستند هذه الفتوى إلى الحديث النبوي الصحيح الذي ورد عن الصحابي جابر بن عبدالله، حيث ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلوات في حجة الوداع دون أن يصلي بينهما.
القصر والجمع في الصلاة بالسفر
أكدت الفتاوى الشرعية من دار الإفتاء والأزهر أن القصر والجمع أثناء السفر هما رخصة شرعية للمسافر، وأن المسافر مخير بين الأخذ بتلك الرخصة أو إتمام الصلاة بحسب حالته، وفي حال كان المسافر يشعر بمشقة أو تعب، فإن القصر يُعتبر الأفضل كما ترى بعض المذاهب الإسلامية، خاصة المذهب الحنبلي الذي يفضل الالتزام به، مما يخفف من عبء الصلاة على المسافر في ظروفه الخاصة.
من الأسئلة التي يتداولها المسلمون، خاصةً في مجال الصلاة والعبادات، هو حكم الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة، وما إذا كان من السنن المؤكدة أو من الأمور المستحبة التي يجوز للإنسان القيام بها، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية عن هذا السؤال في بيان هام نشرته عبر موقعها الرسمي، مؤكدة أن الدعاء بعد التشهد الأخير هو سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من الأعمال التي كان الصحابة رضوان الله عليهم يمارسونها، دون أن يُنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
الدعاء بعد التشهد الأخير: سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم
الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة ليس من الأمور التي يتم تعليمها بشكل محدد، ولكنها من الأعمال التي اعتاد الصحابة على أدائها في صلاتهم، فكما نقلت دار الإفتاء، رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يُنكر على أصحابه دعاءهم في الصلاة، بل كان يؤيد ذلك، مما يجعل من هذا الفعل سُنة مؤكدة.
من أبرز الأحاديث التي تشير إلى ذلك ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: «مَا تَقُولُ فِي صَلَاتِك؟»، فأجاب الرجل قائلاً: “أَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَسْأَلُ اللهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّار” - رواه ابن ماجه، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن أقره على هذا الدعاء، مما يدل على أنه لم يكن يشترط صيغة معينة، بل كان الدعاء بشكل عام بعد التشهد جائزًا ومحبوبًا.