هل يؤثر تكرار المعصية على قبول الدعاء؟.. الإفتاء تجيب
أكد الشيخ عبد الله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الله سبحانه وتعالى يحب عباده المستقيمين الذين يعيشون حياتهم باستشعار دائم لمراقبته عز وجل في كل زمان ومكان، وأشار إلى أن تكرار الذنب من قِبل الإنسان لا يعني بالضرورة حرمان دعائه من الإجابة، لكنه يُظهر تقصيراً واضحاً في الوفاء بالعهد مع الله، وهو ما يستوجب توبة صادقة ونية خالصة للإقلاع عن الذنب.
وخلال بث مباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ألقى الشيخ العجمي الضوء على معاني التقوى وأهميتها في حياة المسلم، مستشهداً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (رواه الترمذي)، وأكد أن التقوى تعني السير على طريق الاستقامة والاجتهاد في فعل الخير، مع الإيمان بأن التوبة باب مفتوح لا يغلق أمام المذنبين.
أسباب عدم استجابة الدعاء
تطرق الشيخ عبد الله العجمي بالإفتاء إلى أهم العوامل التي قد تحول دون استجابة الدعاء، موضحاً أن العبد قد يخطئ حين يظن أن الله لا يستجيب دعاءه دون أن يدرك أن هناك أسباباً قد تعيق تحقيق ذلك، ومن أبرز هذه الأسباب:
1.أكل الحرام
أشار الشيخ العجمي إلى أن المال الحرام يمثل عائقاً كبيراً أمام قبول الدعاء، مستشهداً بحديث رسول الله ﷺ: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟» (رواه مسلم)، وأكد أن على المسلم أن يتحرى مصدر رزقه ويتجنب أي مكاسب مشبوهة.
2.الدعاء بما لا يجوز
أوضح أن الدعاء بما يُغضب الله أو يؤدي إلى إثم أو قطيعة رحم هو سبب رئيسي في عدم قبول الدعاء. واستدل بحديث النبي ﷺ: «لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وما لم يستعجل» (رواه مسلم). وشدد على أهمية أن يكون الدعاء متوافقاً مع تعاليم الشريعة الإسلامية.
3.غفلة القلب أثناء الدعاء
أضاف الشيخ العجمي بالإفتاء أن من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يكون القلب غافلاً أثناء التوجه إلى الله، مؤكداً على ضرورة استحضار النية والإيمان العميق بأن الله قادر على كل شيء، واستشهد بحديث النبي ﷺ: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه» (رواه الترمذي).
4.عدم الأخذ بالأسباب
شدد الشيخ على أهمية التوازن بين التوكل على الله واتخاذ الأسباب لتحقيق الهدف، موضحاً أن الاعتماد على الدعاء فقط دون السعي والعمل يُعد تقصيراً، وأعطى مثالاً بأن يطلب الإنسان النجاح دون الدراسة أو الرزق دون العمل، قائلاً إن الله يحب أن يرى عباده مجتهدين في السعي.
5.استعجال الإجابة
لفت العجمي إلى أن استعجال الإجابة هو أحد الأمور التي قد تمنع استجابة الدعاء، مستشهداً بحديث النبي ﷺ: «يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يُستجب لي» (متفق عليه)، وأكد أن العبد ينبغي أن يتحلى بالصبر والإيمان بأن الله يجيب الدعاء في الوقت الذي يراه مناسباً لحكمة يعلمها.
اختتم الشيخ العجمي حديثه برسالة مفعمة بالأمل والتفاؤل، مؤكداً أن باب الله مفتوح دائماً للتائبين والمستغفرين، وأن التوبة النصوح هي الطريق لتجديد العهد مع الله، وأوضح أن على العبد أن يجتهد في التقرب إلى الله بالعمل الصالح والإخلاص في الدعاء، مع اليقين بأن الله يستجيب لمن دعاه بقلب صادق ونية طاهرة.
بهذه الرسائل المؤثرة، تجدد دار الإفتاء دعوتها للمسلمين بالتمسك بحبل الله والاستقامة على طريق الحق، مؤكدة أن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب وأناب، وأن التوبة الصادقة والإصرار على الخير هما مفتاحا السعادة في الدنيا والآخرة.