فضائل الصيام فى رمضان.. نفحات إيمانية وأجر عظيم

يعد الصيام من أعظم العبادات التي شرعها الله لعباده، وقد اختصه الله سبحانه وتعالى بمكانة خاصة، إذ أضافه إلى نفسه وجعل الثواب عليه بغير حساب، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي قوله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» متفق عليه، وهذا يدل على عظمة هذه العبادة وأهميتها في الإسلام.
المغفرة والثواب العظيم للصائم
من فضل الصيام أن الله يغفر به الذنوب، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه، فالصيام فرصة عظيمة لمحو الذنوب والتقرب إلى الله، كما أن الصيام يكفر الخطايا، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ» أخرجه مسلم، وهذا يبين أن الصيام وسيلة لتكفير الذنوب بشرط اجتناب الكبائر.
رائحة فم الصائم أطيب عند الله من المسك
من دلائل عظمة الصيام وفضله عند الله، أن خلوف فم الصائم -وهو التغير الذي يحدث في رائحة الفم بسبب الصيام- يعد عند الله أطيب من ريح المسك، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِندَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» أخرجه البخاري، وهذا يدل على أن الله يرفع منزلة الصائم حتى في الأمور التي قد يراها الناس غير مستحبة.
باب الريان للصائمين في الجنة
خص الله الصائمين بباب خاص في الجنة يسمى “الريان”، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ولا يدخل منه غيرهم، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» متفق عليه، وهذا تشريف كبير للصائمين لما تحملوه من مشقة في سبيل الله.
الصيام سبب في العتق من النار
من أعظم فضائل الصيام أنه سبب في العتق من النار، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» أخرجه ابن ماجه، وهذا يعني أن الله سبحانه وتعالى يختار في كل يوم من أيام رمضان عبادًا يعتقهم من عذابه، وهذا فضل عظيم ينبغي على المسلم أن يسعى لنيله بالإخلاص في الصيام والعبادة.
فرحة الصائم عند الإفطار
الصائم يفرح فرحتين، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» متفق عليه، ففرحته الأولى عند فطره تكون بسبب تحقيقه لعبادة عظيمة، أما فرحته الثانية فهي فرحة الجزاء العظيم عند لقاء الله.
استجابة دعاء الصائم
من الأمور التي يختص بها الصائم أن دعاءه لا يُرد، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ العَادِلُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الغَمَامِ» أخرجه الترمذي، ولذلك ينبغي على الصائم أن يغتنم لحظات الإفطار بالدعاء والتضرع إلى الله.
الصيام شفيع لصاحبه يوم القيامة
يأتي الصيام يوم القيامة شفيعًا لصاحبه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَانِ» أخرجه أحمد، وهذا يدل على أن الصيام عبادة عظيمة لها أثر كبير يوم القيامة.
الصيام وقاية من المعاصي والعذاب
الصيام جُنَّة، أي وقاية من المعاصي في الدنيا ووقاية من عذاب النار في الآخرة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ» متفق عليه، فالصائم يمتنع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات، وهذا يعوده على ضبط النفس والتحكم في الشهوات، مما يجعله أكثر قدرة على تجنب الذنوب والمعاصي.
الصيام عبادة عظيمة لها مكانة خاصة عند الله، فمن صامه إيمانًا واحتسابًا غُفرت ذنوبه، وله باب خاص في الجنة، ويفرح بفطره وبلقاء ربه، كما أن دعاءه مستجاب، وهو شفيع له يوم القيامة، إضافة إلى أنه وقاية من المعاصي وسبب للعتق من النار، ولهذا ينبغي على كل مسلم أن يغتنم شهر رمضان بالصيام والعبادة والذكر، ليحصل على هذا الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين.