كيف تجعل رمضان شهرًا للتغيير؟.. اكتشف أسرار التخطيط للعبادة

أكدت الدكتورة هبة إبراهيم، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن شهر رمضان المبارك يمثل فرصة عظيمة لكل مسلم لمراجعة النفس والتوبة الصادقة من الذنوب، مشيرةً إلى أن هذا الشهر الفضيل يعد موسمًا روحانيًا يتجدد فيه الإيمان وتقوى فيه الصلة بالله تعالى، حيث ينبغي استغلال أيامه ولياليه في الإقبال على الطاعات والإكثار من الأعمال الصالحة التي تقرب العبد من ربه.
التوبة والاستغفار أولى خطوات الاستعداد لرمضان
أوضحت الدكتورة هبة إبراهيم أن البداية الحقيقية للاستفادة من نفحات رمضان تبدأ بالتوبة الصادقة والاستغفار، حيث يجب على المسلم أن يعقد العزم على عدم العودة إلى الذنوب مرة أخرى، والندم على ما مضى، مع الإكثار من الدعاء وطلب المغفرة، مستشهدةً بقول الله تعالى: “وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون”، كما أشارت إلى أن التوبة النصوح شرط أساسي لقبول الأعمال، فالقلب النقي والخالي من الذنوب يساعد صاحبه على الاستمتاع بالعبادات والشعور بلذة القرب من الله.
التخطيط الجيد سبيل لتحقيق أقصى استفادة من الشهر الكريم
شددت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى على أن التخطيط الجيد خلال شهر رمضان يساعد المسلم على تحقيق أقصى استفادة روحية من هذا الشهر المبارك، موضحةً أن ذلك يكون من خلال وضع برنامج يومي يشمل الحرص على أداء الصلوات في أوقاتها، وقراءة ورد يومي من القرآن الكريم، بالإضافة إلى الاهتمام بصلة الرحم والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وكذلك الحرص على الصدقات ولو بالقليل، مؤكدةً أن الأعمال البسيطة قد تكون سببًا في نيل رضا الله ومضاعفة الأجر.
وأشارت إلى أهمية وضع أهداف واضحة خلال الشهر، سواء كانت أهدافًا روحانية، كتحقيق الخشوع في الصلاة أو ختم القرآن أكثر من مرة، أو أهدافًا اجتماعية، مثل مساعدة المحتاجين أو تعزيز الروابط الأسرية، لافتةً إلى أن المحاسبة اليومية للنفس تلعب دورًا كبيرًا في معرفة مدى تحقيق هذه الأهداف، حيث يمكن للإنسان أن يراجع أفعاله وأعماله في نهاية كل يوم، ويحرص على تعويض أي تقصير في اليوم التالي.
رمضان فرصة لتجديد العلاقة مع الله وبر الوالدين
أكدت الدكتورة هبة إبراهيم أن رمضان هو فرصة ذهبية لتجديد العلاقة بالله، حيث تزداد في هذا الشهر الطاعات، وتفتح أبواب الرحمة والمغفرة، ويعتق الله رقاب عباده من النار، لذا ينبغي على كل مسلم أن يغتنم هذه الفرصة بالإكثار من الدعاء والذكر والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.
كما أوصت بضرورة استغلال شهر رمضان في تعزيز الروابط العائلية، حيث يعتبر مناسبة مثالية لصلة الأرحام والتواصل مع الأهل والأقارب، مشيرةً إلى أن بر الوالدين خلال هذا الشهر من أعظم الأعمال التي تقرب العبد من الله، فدعوات الوالدين في هذا الشهر المبارك قد تكون سببًا في تحقيق الخير والبركة للفرد طوال العام.
وأضافت أن الله تعالى أعد للصائمين بابًا خاصًا في الجنة يُدعى “باب الريان”، وهو مكافأة عظيمة لمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، مشددةً على أن الفوز برضوان الله والقبول يتطلب إخلاص النية وحسن استثمار أيام الشهر الكريم.
استثمار رمضان في التغيير الإيجابي
اختتمت الدكتورة هبة إبراهيم حديثها بالتأكيد على أن رمضان ليس مجرد شهر للصيام والامتناع عن الطعام والشراب، وإنما هو مدرسة إيمانية تتيح للمسلم فرصة لتغيير نفسه إلى الأفضل، مشيرةً إلى أن كثيرًا من العادات الإيجابية التي يكتسبها الإنسان في رمضان يمكن أن تستمر معه بعد انتهائه، مثل المواظبة على الصلاة في أوقاتها، وقراءة القرآن، والصدقة، وضبط النفس، وحسن معاملة الآخرين.
كما أكدت أن الصوم لا يقتصر فقط على الامتناع عن المفطرات، وإنما ينبغي أن يكون صومًا عن كل ما يغضب الله، مثل الغيبة والنميمة وسوء الخلق، حيث قالت: “رمضان ليس فقط صيام الجسد، بل هو تهذيب للروح وتقويم للسلوك، فمن لم يدفعه صيامه إلى تحسين أخلاقه ومراجعة نفسه فقد ضيّع جوهر الصيام”.
وختمت حديثها بالدعوة إلى اغتنام شهر رمضان بكل لحظة فيه، لأنه فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العام، ولعل أحدنا يكون هذا آخر رمضان له، لذا يجب استغلاله في الطاعات والعمل الصالح، سائلين الله أن يبلغنا رمضان ويعيننا على صيامه وقيامه، ويتقبله منا قبولًا حسنًا.