الأربعاء 16 أبريل 2025 الموافق 18 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

نظام الكيتو: دايت يثبت فعاليته في إدارة الأمراض المزمنة

الكيتو
الكيتو

في السنوات الأخيرة برز نظام الكيتو دايت كأحد أكثر الأنظمة الغذائية إثارةً للجدل والاهتمام على حد سواء، ورغم استخدامه في البداية كوسيلة لإنقاص الوزن، إلا أن الدراسات والتجارب السريرية بدأت تسلط الضوء على أبعاده العلاجية، خصوصًا في ما يتعلق بإدارة بعض الأمراض المزمنة.

ويسلط "القارئ نيوز" في هذا المقال الضوء على الفوائد المحتملة لنظام الكيتو في ظل الإشراف الطبي الدقيق، مع عرض أبرز الحالات الصحية التي يمكن أن تستفيد من هذا النظام الغذائي الغني بالدهون والمنخفض بالكربوهيدرات.

ما هو نظام الكيتو دايت؟

يعتمد الكيتو دايت على تقليل استهلاك الكربوهيدرات بشكل كبير، مقابل زيادة نسبة الدهون والبروتينات، ما يؤدي إلى إدخال الجسم في حالة تُعرف بالكيتوزيس، وهي حالة استقلابية يستخدم فيها الجسم الدهون كمصدر أساسي للطاقة بدلاً من الجلوكوز، ومع دخول الجسم في هذه الحالة، تبدأ التغيرات الكيميائية التي قد تؤثر على مجموعة من المؤشرات الصحية المرتبطة بأمراض مزمنة مختلفة.

الكيتو والسكري من النوع الثاني

تعد إدارة مستويات السكر في الدم من أبرز التحديات لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وهنا يأتي دور الكيتو دايت، حيث أشارت دراسات متعددة إلى أن اتباع هذا النظام يمكن أن يسهم في تحسين حساسية الإنسولين وتقليل مستويات السكر التراكمي، وقد أظهرت تجربة سريرية نشرتها مجلة Diabetes Therapy أن المرضى الذين اتبعوا الكيتو لمدة ستة أشهر استطاعوا تقليل جرعات الإنسولين أو حتى الاستغناء عنها تحت إشراف الطبيب، مع تسجيل انخفاض ملحوظ في الوزن وتحسن في المؤشرات الحيوية الأخرى.

ومع ذلك يحذر الأطباء من اتباع هذا النظام دون متابعة طبية دقيقة، إذ يمكن أن يؤدي التغيير المفاجئ في النظام الغذائي إلى انخفاض حاد في مستويات السكر لدى المرضى الذين يتناولون أدوية خافضة للجلوكوز، ما يستلزم تعديل الجرعات الدوائية ومراقبة مستمرة للحالة الصحية.

التأثير على أمراض القلب

لطالما ارتبطت الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، إلا أن الكيتو دايت، حين يُدار بشكل علمي ومدروس، قد يقدم صورة مختلفة، فبحسب دراسة صادرة عن Journal of Clinical Lipidology، فإن العديد من متبعي الكيتو شهدوا تحسنًا في معدلات الكوليسترول الجيد HDL وانخفاضًا في نسب الدهون الثلاثية، وهو ما يُعتبر مؤشرًا إيجابيًا لصحة القلب.

في المقابل، من المهم الانتباه إلى نوعية الدهون التي يتم تناولها، حيث يُفضل التركيز على الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات، وتجنب الدهون المشبعة والمتحولة التي قد تزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.

السمنة ومتلازمة الأيض

السمنة ليست فقط زيادة في الوزن، بل غالبًا ما ترتبط بحالات مرضية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الكوليسترول، ومقاومة الإنسولين، وهي كلها عناصر تشكل ما يُعرف بمتلازمة الأيض، وقد وجد الباحثون أن الكيتو دايت قد يكون أداة فعالة لمكافحة هذه المتلازمة، خاصةً في المراحل الأولى منها.

تشير البيانات إلى أن الالتزام بنظام الكيتو لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قد يؤدي إلى خفض مؤشر كتلة الجسم BMI، وتحسين قراءات ضغط الدم، وتقليل محيط الخصر، وكل ذلك من دون الشعور بالجوع المستمر، وهو ما يعزز من فرص الالتزام بالنظام على المدى الطويل.

اضطرابات الأعصاب والدماغ

الكيتو دايت ليس جديدًا تمامًا في المجال الطبي، فقد تم استخدامه منذ عقود لعلاج حالات الصرع المقاوم للعلاج الدوائي لدى الأطفال، ولاتزال العديد من مراكز الأعصاب حول العالم تعتمد عليه كأحد الحلول الفعالة للتحكم في النوبات، ومع توسع الدراسات، بدأ الباحثون في اختبار تأثير الكيتو على أمراض عصبية أخرى مثل الزهايمر والباركنسون والتصلب اللويحي.

أحد التفسيرات المحتملة لهذا التأثير الإيجابي هو أن الكيتونات، وهي المركبات التي ينتجها الجسم أثناء اتباع الكيتو، تُعد مصدرًا أنظف وأكثر كفاءة للطاقة في الدماغ، ما قد يساعد على تقليل الالتهاب العصبي وتحسين الوظائف المعرفية والذاكرة.

الحاجة لإشراف طبي مستمر

رغم الفوائد المتعددة التي يمكن أن يوفرها الكيتو دايت، إلا أن الاعتماد عليه كخطة علاجية لأي مرض مزمن لا يمكن أن يتم بشكل عشوائي، حيث يشدد الخبراء على ضرورة إشراك الطبيب المختص في كل خطوة، بدءًا من التحاليل المخبرية الأولية، مرورًا بوضع خطة غذائية متوازنة، وصولًا إلى المراقبة المنتظمة لمؤشرات الجسم الحيوية.

بعض المرضى قد يواجهون أعراضًا جانبية في الأسابيع الأولى من بدء الكيتو، تُعرف بـ”أنفلونزا الكيتو”، وتشمل التعب والغثيان والدوخة، وهي غالبًا ما تزول مع الوقت، لكنها تتطلب تدخلًا طبيًا في حال استمرارها أو تفاقمها.

مستقبل الكيتو في الطب الوقائي والعلاجي

في ظل التوجه العالمي نحو الحلول الغذائية كوسيلة للوقاية من الأمراض، يبدو أن الكيتو دايت يحتل مكانة متزايدة على خريطة الاهتمام العلمي، فبينما يُظهر نجاحًا مبدئيًا في تحسين بعض المؤشرات المرتبطة بالأمراض المزمنة، إلا أن الأبحاث ما تزال مستمرة لتحديد مدى أمانه وفعاليته على المدى الطويل.

يمكن القول إن الكيتو دايت، حين يُعتمد بمتابعة طبية دقيقة، قد يتحول من مجرد حمية عابرة إلى أداة فعالة في إدارة طيف واسع من المشكلات الصحية، لكن يبقى الشرط الأساسي هو أن يتم التعامل معه كخطة طبية متكاملة، وليس كصيحة غذائية مؤقتة.

تم نسخ الرابط