الشيباني والصفدي يترأسان أولى دورات المجلس الجديد بحضور وزراء من البلدين

في خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية، وقع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مذكرة تفاهم بين الحكومتين السورية والأردنية لإنشاء وتفعيل مجلس التنسيق الأعلى، وذلك خلال زيارة رسمية أجراها الصفدي إلى دمشق في 17 أبريل 2025.
وقد عقد المجلس أولى جلساته يوم الثلاثاء في العاصمة السورية دمشق، برئاسة الشيباني والصفدي، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين من كلا البلدين، حيث تركزت النقاشات على ملفات حيوية تمس التعاون الثنائي في مجالات المياه والطاقة والاقتصاد والنقل، فضلاً عن آليات تنفيذ تلك التفاهمات وفق خارطة طريق زمنية واضحة.
حرص مشترك على إدامة التنسيق
وخلال الجلسة الافتتاحية، شدد كل من الوزيرين الشيباني والصفدي على أهمية العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط سوريا والأردن، مؤكدين الحرص على إدامة التعاون والتنسيق المشترك حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المتبادل، والعمل على تفعيل آليات تنفيذية قادرة على نقل التعاون إلى مستوى مؤسسي مستدام.
وشدد الجانبان الشيباني والصفدي على ضرورة استثمار الإرادة السياسية الحالية في تطوير آفاق العلاقات بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويدعم جهود سوريا في مواجهة تحديات المرحلة الانتقالية، خاصة في ملفي إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي.

خارطة طريق بآجال قصيرة وطويلة
وأثمرت الدورة الأولى للمجلس عن اتفاق واضح على خارطة طريق عملية تتضمن أهدافًا قصيرة وطويلة الأمد، تنطلق من تحقيق مشاريع ملموسة على الأرض، وتستند إلى آليات المتابعة الفنية والوزارية المنتظمة.
ففي قطاع المياه، تم الاتفاق على مراجعة اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك لعام 1987، بهدف تعديل بعض بنودها بشكل يراعي الحقوق المائية العادلة للبلدين.
كما تقرر تفعيل عمل اللجان المشتركة المختصة لضمان استمرارية التنسيق في هذا الملف الحيوي.
مشاريع غاز وكهرباء وطاقة متجددة
أما في قطاع الطاقة، فقد بحث الشيباني والصفدي مشاريع تزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأردن، ومشاريع الربط الكهربائي، إلى جانب دراسة إمكانيات الاستفادة من التجربة الأردنية في الطاقة المتجددة.
ومن المقرر عقد اجتماع وزاري في شهر يوليو المقبل، يتبعه لقاءات فنية متخصصة لمتابعة هذه المشاريع. كما تم الاتفاق على البدء بإعداد الدراسات الفنية اللازمة لإعادة تشغيل خط الربط الكهربائي الأردني السوري بمجرد جاهزيته داخل الأراضي السورية.
وفي خطوة لافتة، ناقش الطرفان إمكانية استفادة سوريا من ميناء الغاز المسال في العقبة، والمقرر تشغيله في الربع الأخير من عام 2026، وكذلك الاستفادة من السعات التخزينية للمشتقات النفطية وأسطول نقلها في المملكة الأردنية.


نحو تكامل اقتصادي وتبادل تجاري فعّال
في الجانب الاقتصادي والتجاري، تقرر عقد اللجنة الوزارية المشتركة في يوليو القادم، والتي ستتناول قضايا التكامل الصناعي، التجارة البينية، شحن الترانزيت، والاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة للمنتجات.
كما تم الاتفاق على تنظيم منتدى أعمال مشترك على هامش أعمال اللجنة، مع دعوة القطاع الخاص في البلدين لإعادة تشكيل مجلس الأعمال الأردني السوري المشترك.
ورحب الجانب السوري بزيارة وفد اقتصادي أردني لسوريا خلال الأسبوع القادم، في إطار تفعيل التعاون بين القطاعات الاقتصادية.
التنقل والنقل البري.. قضايا على الطاولة
في ملف النقل البري، تم الاتفاق على عقد اللجنة الفنية الأردنية السورية المشتركة، لمناقشة كافة القضايا المرتبطة بقطاع النقل، بما في ذلك توحيد الرسوم وتسهيل الإجراءات، إلى جانب بحث مشروع الربط السككي الثنائي مستقبلاً.
كما تم التوافق على تعزيز تبادل الخبرات في مجالات تنظيم النقل البري والتقنيات الحديثة في إدارة الأساطيل والنقل التجاري بين البلدين.
زيارات فنية متبادلة لمتابعة التنفيذ
ومن المنتظر أن تلي اجتماعات المجلس زيارات فنية متبادلة بين دمشق وعمان، لبدء تنفيذ البنود التي نصت عليها خارطة الطريق المتفق عليها، ومتابعة تنفيذ ما تم التوصل إليه على أرض الواقع، بما يضمن سرعة الإنجاز وتحقيق الأهداف المشتركة.
خطوة مهمة في مسار التعاون العربي
ويُنظر إلى تأسيس مجلس التنسيق الأعلى بين سوريا والأردن كخطوة مهمة في مسار تعزيز العمل العربي المشترك، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية الإقليمية، وحاجة دول المنطقة إلى تنسيق جهودها ومشاريعها في مجالات الطاقة، الأمن الغذائي، والبنية التحتية.
ويؤكد المراقبون أن هذا النوع من المجالس الثنائية يُعدّ نموذجًا عمليًا للتكامل العربي الذي طال انتظاره، ويبعث برسائل إيجابية تعكس إرادة سياسية ناضجة لدى قيادتي البلدين في تجاوز الخلافات والعمل بروح من التعاون.