الخميس 07 أغسطس 2025 الموافق 13 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

«قبر الإسكندر الأكبر».. هل كسر الإمبراطور الروماني «أنف الفاتح المقدوني» أثناء زيارته؟

الإسكندر الأكبر
الإسكندر الأكبر

من بين أبرز الأسماء التي لطالما أثارت فضول الزوار في العالم اليوناني الروماني، يأتي اسم «الإسكندر الأكبر»، القائد الذي أسس واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ.

لكن، ما لا يعرفه كثيرون هو تلك القصة المثيرة التي تروى عن زيارة أحد أباطرة روما لقبر الإسكندر، وكيف يقال إنه كسر أنفه خلال تلك الزيارة. فهل حدث ذلك فعلًا؟ وما مدى دقة تلك الرواية؟

«وفاة الإسكندر الأكبر» ومقبرته الذهبية الفخمة

توفي الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، بعد أن أنهكته الأمراض والتوترات السياسية، ورغم نهايته المفاجئة، فقد شيّده أتباعه مقبرة ضخمة، لتكون على مستوى المجد الذي حققه في حياته.

ووفقًا للروايات التاريخية، فقد تم وضع جسده في تابوت ضخم من الذهب الخالص، كان مغطىً برداء أرجواني ملكي مرصع بالخيوط الذهبية.

 وكان موكب التشييع الأسطوري الذي نقل جثمانه إلى مصر، واحدًا من أبرز الأحداث الجنائزية في العصور القديمة، حيث أصبحت المقبرة لاحقًا مزارًا مهيبًا للملوك والأباطرة.

«بطليموس العاشر» والعبث بالمقبرة

في وقت لاحق، وتحديدًا خلال القرن الأول قبل الميلاد، تشير بعض السجلات إلى أن «بطليموس العاشر»، أحد ملوك السلالة البطلمية، قام بإذابة التابوت الذهبي للإسكندر، طمعًا في الاستفادة من قيمته المادية.

 وبدلًا من ذلك، تم وضع الجثمان في تابوت بديل يُعتقد أنه كان مصنوعًا من المرمر أو ما يُطلق عليه «الزجاجي» وفقًا لوصف المؤرخ اليوناني «سترابو».

هذه الخطوة التي أثارت استياء المؤرخين، لم تُقلل من مكانة المقبرة، بل بقيت رمزًا تاريخيًا مهمًا، خاصة بعد أن تحوّلت إلى مزار للأباطرة الرومان لاحقًا.

«زيارة أغسطس قيصر» لقبر الإسكندر.. تحية ملك لملك

أشهر زيارة موثقة لقبر الإسكندر، كانت من قِبل «أوكتافيان» المعروف لاحقًا بـ«أغسطس قيصر»، أول إمبراطور فعلي للإمبراطورية الرومانية. 

جرت الزيارة في عام 30 ق.م، عقب سيطرة الرومان على مصر وسقوط حكم كليوباترا.

ووفقًا لرواية المؤرخ الروماني «سويتونيوس»، فإن أوكتافيان دخل المقبرة «ليكرّم الإسكندر»، فوضع تاجًا ذهبيًا على رأسه، ونثر الزهور على جسده تعبيرًا عن الاحترام والتقدير.

هل كسر «أغسطس» أنف الإسكندر فعلًا؟

هنا تبدأ القصة الغريبة. فبعد نحو قرن من رواية سويتونيوس، ظهر المؤرخ الروماني «كاسيوس ديو» الذي عاش في القرن الثالث الميلادي، ليُقدم سردًا مختلفًا لما حدث خلال زيارة أغسطس.

في كتابه «التاريخ الروماني»، يذكر كاسيوس ديو: «نظر أوكتافيان إلى جسد الإسكندر ولمسه بالفعل، فقيل إن قطعة من أنفه انكسرت».

 لكن اللافت أن ديو لم يقدم أي تفاصيل إضافية عن الواقعة، ولم يذكر شيئًا عن وضع التاج أو الزهور.

هذا التناقض في الروايات، فتح باب التأويل، حيث رجّح بعض المؤرخين المحدثين أن الكسر ربما حدث أثناء انحناء أوكتافيان لتقبيل الجثمان، أو خلال وضع التاج على الرأس، إلا أن هذه الفرضيات تبقى بلا دليل قاطع في نصوص كاسيوس نفسه.

«بين الحقيقة والأسطورة».. لماذا بقيت القصة حية؟

رغم عدم وضوح الرواية، بقيت قصة كسر أنف الإسكندر واحدة من أكثر القصص تداولًا في كتب التاريخ الشعبي، وربما يعود ذلك لرمزيتها.

 فالإسكندر، الذي غزا العالم المعروف حينها، وتحدى أقوى الجيوش، تنكسر هيبته بعد وفاته، ليس على يد أعدائه، بل على يد من جاء لزيارته تكريمًا له.

ويُرجّح بعض الباحثين أن القصة ربما تكون جزءًا من محاولات الرومان لربط أنفسهم بمجد الإسكندر، أو حتى تقزيمه بطريقة رمزية، إذ لطالما سعت روما لمحو آثار التفوق الإغريقي السابق عليها.

أين هو قبر الإسكندر اليوم؟

المفارقة أن مكان قبر الإسكندر لم يعد معروفًا على وجه اليقين حتى اليوم، رغم المحاولات العديدة لاكتشافه. فقد ضاع موقع المقبرة الأصلية في الإسكندرية مع مرور الزمن وتراكم الأحداث، وأصبحت بذلك واحدة من أعظم الألغاز الأثرية التي لم تُحل بعد.

ويأمل علماء الآثار أن تحمل السنوات القادمة اكتشافًا يزيل الغموض عن مصير المقبرة، ليُسدل الستار أخيرًا عن فصل مثير من فصول التاريخ الإنساني، حيث تتقاطع الأسطورة بالحقيقة.

تم نسخ الرابط