إرشادات فعالة لصحة وتغذية الأطفال.. خبير تغذية يكشف الأسرار

تغذية الأطفال ليست مجرد عملية تقديم الطعام في مواعيد منتظمة بل هي علم متكامل يعتمد على فهم احتياجات الطفل اليومية من العناصر الغذائية التي تضمن له النمو الصحي والتطور الذهني السليم، وفي ظل الضغوط الحياتية وتعدد مصادر الطعام أصبح من الضروري أن تتعرف الأسرة على أسس تغذية الأطفال بالشكل الصحيح حتى تتجنب العديد من المشكلات الصحية التي قد تظهر لاحقًا مثل السمنة أو نقص الفيتامينات أو اضطرابات النمو.
ما أهمية التغذية المتوازنة للأطفال؟
أكد خبير التغذية العلاجية الدكتور حسام الجندي أن تغذية الطفل تبدأ منذ لحظة ولادته وأن كل مرحلة عمرية تحتاج إلى نوع خاص من الرعاية الغذائية التي تضمن توفير الفيتامينات والبروتينات والمعادن الأساسية لبناء الجسم، وأوضح أن الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة يحتاجون إلى كميات كبيرة من الكالسيوم والبروتين لتعزيز نمو العظام والعضلات وكذلك الحديد والزنك لتقوية المناعة وتحسين مستوى التركيز والانتباه.
وأوضح أيضًا أن التغذية غير المتوازنة قد تؤدي إلى مشاكل سلوكية مثل فرط الحركة أو التشتت الذهني بالإضافة إلى مشاكل جسدية مثل ضعف البنية وتأخر النمو وضعف الشهية، لذا فإن بناء نظام تغذية متوازن يبدأ من وعي الأسرة ومعرفتها بأهمية كل عنصر غذائي.
نصائح عملية لتنظيم تغذية الأطفال
أول ما ينصح به خبراء التغذية هو الالتزام بجدول يومي لتناول الوجبات بحيث تشمل ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين، ويجب أن تحتوي كل وجبة رئيسية على البروتين مثل اللحوم أو البيض أو البقوليات بالإضافة إلى الخضروات الطازجة والكربوهيدرات مثل الأرز أو الخبز، أما الوجبات الخفيفة فيجب أن تكون من مصادر صحية مثل الفواكه أو اللبن أو المكسرات غير المملحة.
كما يجب تقليل استهلاك السكريات المصنعة والمشروبات الغازية قدر الإمكان واستبدالها بالعصائر الطبيعية والماء وذلك لما لها من تأثير سلبي على طاقة الطفل وسلوكه اليومي، ومن الأمور المهمة التي شدد عليها الدكتور حسام هي أهمية إشراك الطفل في عملية اختيار الطعام وتحضيره حيث إن هذا يزيد من وعيه الغذائي ويشجعه على تناول الأطعمة المفيدة دون إجبار أو ضغط.
الأخطاء الشائعة في تغذية الأطفال
أشار خبير التغذية إلى عدد من الأخطاء التي تقع فيها الكثير من الأمهات عند التعامل مع تغذية أطفالهن، من أبرزها تقديم الوجبات أمام التلفاز أو الأجهزة الإلكترونية مما يُفقد الطفل الإحساس بالشبع ويجعله يأكل أكثر من حاجته، وكذلك الاعتماد الزائد على الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة التي تفتقر إلى القيمة الغذائية وتحتوي على كميات كبيرة من الدهون والمواد الحافظة.
من الأخطاء أيضًا إجبار الطفل على إنهاء طعامه بالكامل مما يُشعره بالتوتر ويؤدي إلى علاقة سلبية مع الطعام، والصحيح هو أن يتعلم الطفل الاستماع إلى جسده ومعرفة متى يشعر بالشبع ومتى يحتاج للطعام، وهذه الثقافة تبدأ من السنوات الأولى من عمر الطفل حيث يمكن من خلالها غرس عادات غذائية صحية تدوم مدى الحياة.
دور المدرسة في دعم تغذية الطفل
لا يقتصر دور التغذية على الأسرة فقط بل إن المدرسة تلعب دورًا كبيرًا في تكوين عادات الأكل لدى الطفل، ومن هنا تأتي أهمية توفير برامج توعية داخل المدارس حول التغذية السليمة وتشجيع الطلاب على إحضار وجبات منزلية صحية بدلاً من شراء الوجبات السريعة من المقاصف، كما يمكن للمدرسة تنظيم حملات دورية للكشف الغذائي على الطلاب والتواصل مع أولياء الأمور في حال وجود أي نقص غذائي يؤثر على التحصيل الدراسي أو النشاط البدني.
علاقة التغذية بالصحة النفسية للأطفال
أثبتت العديد من الدراسات أن تغذية الأطفال تؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية وسلوكهم العام، حيث ترتبط بعض أنواع الطعام بتحسين المزاج مثل الأطعمة الغنية بالأوميغا 3 والمغنيسيوم، في حين أن الإفراط في تناول السكريات قد يؤدي إلى تقلبات مزاجية وضعف في التركيز، لذلك فإن بناء نظام تغذية متوازن لا يحسن الصحة البدنية فحسب بل يعزز الاستقرار النفسي والقدرة على التعلم والتفاعل الاجتماعي.
هل يحتاج الطفل إلى مكملات غذائية؟
في حالات معينة قد يوصي الطبيب بإعطاء الطفل مكملات غذائية مثل الحديد أو فيتامين د ولكن بشرط أن يكون ذلك بناء على تحليل طبي يحدد نوع النقص بدقة، ولا يجب أبدًا الاعتماد على المكملات دون إشراف مختص لأن التغذية الطبيعية تظل الأفضل والأكثر أمانًا على المدى الطويل، ولهذا فإن تنويع مصادر الطعام وتقديمها بشكل محبب يظل الخيار الأذكى لضمان تغذية شاملة ومتوازنة.
تغذية الأطفال مسؤولية تشاركية تبدأ من المنزل وتمتد إلى المدرسة والمجتمع، وكلما زاد وعي الأسرة بأهمية التغذية السليمة كلما كان أطفالها أكثر صحة ونشاطًا وتوازنًا، لا تنتظري حدوث مشكلة صحية لتبدئي في تحسين تغذية طفلك بل اجعلي الطعام وسيلة لبناء جسد قوي وعقل واعٍ وشخصية متزنة، وبهذا تكونين قد وضعتِ أول حجر في بناء مستقبل أفضل لطفلك ينمو فيه بصحة وسعادة.