صحيفة «يسرائيل هيوم».. ترامب يضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب على غزة

كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، في تقرير نشر اليوم الخميس 26 يونيو 2025، عن أن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري في الانتخابات المقبلة، دونالد ترامب، يمارس ضغوطا شديدة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل التوصل إلى صيغة لإنهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها التاسع وسط إدانات دولية متصاعدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الضغوط بدأت قبل تنفيذ الهجوم الإسرائيلي على أهداف داخل إيران في مايو الماضي، واستؤنفت بشكل مكثف عقب انتهاء العملية، لافتة إلى أن اتصالات ترامب مع نتنياهو لم تنقطع، رغم خروجه من البيت الأبيض، وأن هناك تنسيقًا غير رسمي قائمًا بين الطرفين، خاصة مع تقاطع المصالح السياسية بينهما.

ضغط انتخابي وتحالف سياسي

ووفقا لما نقلته صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى، فإن ترامب يرى أن استمرار الحرب في غزة ينعكس سلبيًا على حظوظه الانتخابية في أوساط بعض القواعد الجمهورية، كما يُضعف فرص بقاء نتنياهو في السلطة على المدى الطويل، الأمر الذي قد يؤثر على المشهد السياسي العام في المنطقة في حال تغيير القيادة في تل أبيب.

وأوضحت الصحيفة أن ترامب، رغم خروجه من المشهد الرسمي، لا يزال يتمتع بنفوذ كبير في أروقة القرار في إسرائيل، ويملك شبكة علاقات مع أطراف في اليمين الإسرائيلي، كما ينظر إلى نتنياهو كحليف إستراتيجي يمكن الاعتماد عليه في حال عاد إلى البيت الأبيض مطلع 2025.

ويعتقد أن ترامب عرض على نتنياهو دعمًا سياسيًا وإعلاميًا في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية، مقابل تسريع خطوات إنهاء الحرب في غزة، سواء من خلال اتفاق تبادل أسرى أو وقف إطلاق النار مع فصائل المقاومة الفلسطينية برعاية مصرية وقطرية.

وكشفت صحيفة عبرية عن تفاصيل ضغوط ترامب على نتنياهو، وأوضحت صحيفة أخرى وجود انقسام داخل الحكومة، فيما أشارت صحيفة ثالثة إلى تأثير ذلك على موقف الجيش.

انقسام داخل إسرائيل

في المقابل، تتزايد الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن طريقة إدارة الحرب، حيث يصر نتنياهو على استمرار العمليات العسكرية ضد «حماس» حتى تحقيق ما يسميه «الانتصار الكامل»، في حين تبدي قيادات بارزة في الجيش والمخابرات تحفظها على استمرار الحرب بهذه الوتيرة، خاصة مع تزايد الخسائر في صفوف الجنود والضغط الدولي المتصاعد.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت قد صرح مؤخرًا بأن «الحرب تقترب من مرحلة تحتاج إلى مراجعة شاملة، ليس فقط ميدانيًا، بل سياسيًا أيضًا»، في إشارة إلى أهمية الحسم السياسي في ظل التحديات الحالية.

وتتزامن هذه الضغوط مع تصعيد في لهجة العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين، الذين دعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مؤكدين أن الحرب تسببت في كارثة إنسانية هي الأكبر منذ عقود، وأثارت غضبًا واسعًا في الرأي العام العالمي.

موقف المقاومة الفلسطينية

وفي المقابل، تصر فصائل المقاومة في غزة، وفي مقدمتها حركة حماس، على أن وقف الحرب لا يمكن أن يتم دون انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، وعودة النازحين إلى منازلهم، وضمانات دولية بعدم تكرار العدوان، مع تنفيذ صفقة تبادل أسرى عادلة تشمل أسرى كبارًا في السجون الإسرائيلية.

وفي تصريح لقناة «الأقصى» الفلسطينية، قال قيادي في حركة حماس إن "أي محاولة لفرض حلول جزئية أو ضغوط عبر أطراف خارجية لن تجدي، وإن المقاومة ما زالت قادرة على إدارة الميدان رغم كل ما لحق بغزة من دمار".

مصير الحرب.. إلى أين؟

ويرى مراقبون أن الضغوط التي يمارسها ترامب على نتنياهو قد لا تكون كافية لإنهاء الحرب، لكنها مؤشر على وجود تحولات مهمة في مواقف بعض الداعمين الرئيسيين لإسرائيل، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية وازدياد الغضب الشعبي من استمرار الحرب ومشاهد الدمار في غزة، التي باتت تعرض بشكل يومي في وسائل الإعلام العالمية.

ويذكر أن الحرب على غزة التي بدأت في أكتوبر 2024 أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 39 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى عشرات الآلاف من المصابين، ودمار هائل في البنية التحتية والسكنية، وسط عجز المستشفيات وشح المياه والغذاء.

وفي ظل هذا المشهد المأساوي، لا تزال الجهود الدبلوماسية تراوح مكانها، مع رفض إسرائيلي لأي وقف دائم لإطلاق النار، في حين تتكثف المساعي الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بينما تتجه الأنظار إلى ما ستسفر عنه ضغوط ترامب، وإن كانت ستنجح أخيرًا في تحريك المياه الراكدة.