بعد حظر تيك توك.. كيف يهدد إدمان الفيديوهات القصيرة صحتك العقلية؟
شهدت الساحة الرقمية في الآونة الأخيرة موجة من الجدل حول التيك توك تأثير تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية، خاصة بعد قرار بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بحظر تطبيق تيك توك.
يُعد تيك توك من أبرز التطبيقات التي تمكّن المستخدمين من نشر فيديوهات قصيرة، مما جعلها واحدة من أكثر المنصات شهرة في العالم، لا سيما بين الشباب والمراهقين.
ولكن بالرغم من نجاحه الكبير، إلا أن هناك من يرون أن هذا التطبيق وغيره من منصات الفيديوهات القصيرة يشكل تهديدًا كبيرًا على صحة الإنسان العقلية، فما هي أسباب هذا التهديد؟ وكيف يؤثر إدمان هذه الفيديوهات على العقل والجسد؟ هذا ما سيناقشه “القارئ نيوز” في هذا المقال.
1. الإدمان: عامل أساسي في التأثير على الصحة العقلية
من أبرز الآثار السلبية التي يمكن أن يسببها إدمان تطبيقات الفيديوهات القصيرة هو الإدمان نفسه، بمجرد أن يبدأ الشخص في استخدام تيك توك أو أي منصة مشابهة، يجد نفسه محاطًا بمحتوى مستمر ومتجدد، العوامل النفسية وراء هذه التجربة تشمل التحفيز المستمر للعقل، حيث يكتشف المستخدم دائمًا محتوى جديدًا قد يكون مثيرًا أو مبهجًا، هذا يؤدي إلى زيادة مستويات الدوبامين في الدماغ، وهو الهرمون الذي يتسبب في الشعور بالسعادة.
ولكن ومع مرور الوقت يبدأ المستخدمون في الإحساس بالحاجة المستمرة لمزيد من الفيديوهات، حيث يعاني الدماغ من نقص في الدوبامين، هذا يمكن أن يؤدي إلى إدمان مستمر على المنصة، مما يزيد من ساعات استخدام التطبيق، ويقلل من التفاعل مع الأنشطة الواقعية أو غير الرقمية، الأبحاث أظهرت أن إدمان هذه الأنواع من التطبيقات يمكن أن يساهم في الاكتئاب، القلق، والشعور بالوحدة.
2. التأثير على التركيز والانتباه
إحدى المشكلات الرئيسية في استخدام تطبيقات الفيديو القصير هي تأثيرها على قدرة الفرد على التركيز، الفيديوهات القصيرة جدًا، التي لا تتجاوز بضع ثوانٍ، قد تعزز من قدرة الدماغ على الاستجابة السريعة للمحفزات، لكنها في الوقت نفسه قد تقلل من قدرة العقل على الاستمرار في المهام التي تتطلب تركيزًا طويلًا.
الدراسات أظهرت أن المراهقين والشباب الذين يقضون وقتًا طويلاً في مشاهدة الفيديوهات القصيرة يميلون إلى المعاناة من صعوبة في التركيز، ما يؤثر على أدائهم الأكاديمي والمهني، إضافة إلى ذلك يفتقرون إلى الصبر والقدرة على الانتباه للمهام المعقدة، وهو ما يُعد تحديًا كبيرًا في عالم العمل والتعليم.
3. التأثير على صورة الذات والتوقعات غير الواقعية
تطبيقات الفيديوهات القصيرة مثل تيك توك تقدم محتوى مليئًا بالصور المثالية والمحتويات التي تعرض لحظات الحياة اللامعة، هذا يعزز فكرة “الحياة المثالية” التي تروج لها وسائل الإعلام الاجتماعية، في هذا السياق يمكن للمستخدمين أن يشعروا بالضغط للظهور بشكل مثالي، سواء كان ذلك في شكل الجسم أو أسلوب الحياة، ونتيجة لذلك يمكن أن تتأثر صورة الذات بشكل سلبي، خاصة بين المراهقين الذين في مرحلة بناء هويتهم.
البحث أظهر أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا طويلاً على هذه التطبيقات يميلون إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين بشكل أكثر تواترًا، في بعض الحالات، قد يؤدي ذلك إلى شعور متزايد بعدم الرضا عن الذات، وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
4. الإجهاد العصبي والتوتر
تتمثل إحدى المشكلات الكبيرة في تصفح تطبيقات الفيديو القصير في التنقل المستمر بين المحتويات المتنوعة، مما يتسبب في حالة من الإجهاد العصبي، يتحفز الدماغ باستمرار بمعلومات جديدة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حالة من الإرهاق العقلي، الإدمان على هذا النوع من المحتوى السريع والمتجدد يجعل العقل في حالة من الاستثارة المستمرة، مما يرفع مستويات التوتر والقلق.
الشخص الذي يقضي ساعات طويلة في التصفح قد يشعر بالإرهاق العقلي، ويعاني من صعوبة في الاسترخاء، مما يزيد من مستويات الكورتيزول وهو هرمون الإجهاد، في النهاية، هذا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية تتراوح من القلق المزمن إلى اضطرابات النوم.
5. تدهور التفاعل الاجتماعي والتواصل الشخصي
من الأضرار الأخرى التي يمكن أن يسببها إدمان الفيديوهات القصيرة هو تدهور قدرة الأفراد على التواصل الاجتماعي الفعلي، عندما يكرس الشخص معظم وقته على وسائل التواصل الاجتماعي، يصبح لديه وقت أقل للتفاعل مع الأشخاص في العالم الواقعي، سواء كانوا عائلة أو أصدقاء، هذا التفاعل المحدود قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة الاجتماعية وفقدان الاتصال بالأشخاص من حوله.
البحث أظهر أن إدمان الإنترنت، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن يساهم في تدهور نوعية العلاقات الاجتماعية، الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الإدمان قد يشعرون بأنهم متصلون بالعالم الرقمي أكثر من العالم الواقعي، مما يؤدي إلى نقص في المهارات الاجتماعية ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والعزلة.
6. التأثيرات الصحية طويلة المدى
على الرغم من أن التأثيرات النفسية لتطبيقات الفيديو القصير قد تكون واضحة إلى حد ما، فإن هناك أيضًا تأثيرات صحية جسدية يجب أن تؤخذ في الاعتبار، قضاء ساعات طويلة في مشاهدة الفيديوهات يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في النظر، مثل إجهاد العينين، جفاف العين، وحتى مشاكل في النوم بسبب التعرض المستمر للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات.
7. ما هي الحلول لتجنب هذه الآثار؟
لحماية الصحة العقلية من التأثيرات السلبية لإدمان الفيديوهات القصيرة، من الضروري اتخاذ بعض الخطوات، أولاً يجب أن يتم تحديد وقت استخدام هذه التطبيقات وتحديد فترات للراحة، يمكن أيضًا تحديد تطبيقات بديلة توفر محتوى مفيدًا أو محفزًا للدماغ، إضافة إلى ذلك من المهم تشجيع الأنشطة الاجتماعية غير الرقمية، مثل الرياضة أو القراءة أو ممارسة الهوايات، لتوفير توازن صحي في الحياة.
إدمان الفيديوهات القصيرة له تأثيرات سلبية على الصحة العقلية والجسدية، مع تزايد استخدامها، يجب أن يكون لدى الأفراد وعي كافٍ بالآثار المحتملة لهذه التطبيقات على حياتهم، بوعي وإجراءات وقائية، يمكن تقليل تأثيرات هذه الظاهرة السلبية والتمتع بتجربة رقمية أكثر توازنًا وصحة.