الإفتاء تحسم الجدل حول حكم الانشغال بالتصوير أثناء أداء مناسك الحج والعمرة
يعتبر الحج أحد أعظم العبادات التي يؤديها المسلم، ويتميز بتنوع مناسكه وأجوائه الروحانية الخاصة، ورغم أن هذه الشعائر تركز بشكل أساسي على العبادة والتقرب إلى الله، فإن العديد من الحجاج يسعون إلى توثيق تلك اللحظات المقدسة عبر الصور والفيديوهات.
ولكن في ظل التقدم التكنولوجي السريع، بدأت تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان الانشغال بالتقاط الصور يؤثر سلبًا على أداء المناسك ويشوش على روحانية الحج، وبناءً على ذلك خرجت دار الإفتاء المصرية بفتوى شرعية توضح حكم التصوير أثناء أداء مناسك الحج والعمرة، لتجيب عن تساؤلات العديد من المسلمين حول هذا الموضوع.
فتوي دار الإفتاء حول التصوير
في فتوى أصدرها مركز الفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، أكدت الدار أن التصوير أثناء أداء مناسك الحج جائز شرعًا، بشرط أن يتم ذلك دون أن يؤثر على أداء المناسك أو يعطل الحجاج الآخرين، وتبين الفتوى أن التصوير المفرط قد يؤدي إلى إحداث فوضى، خاصة في الأماكن المزدحمة مثل الطواف حول الكعبة أو السعي بين الصفا والمروة، مما قد يسبب تأخر البعض أو يتسبب في إزعاج، خصوصًا مع وجود كبار السن أو ذوي الحالات الصحية الخاصة الذين يحتاجون إلى وقت أطول للانتقال بين المناسك، ومن هنا شددت الفتوى على ضرورة أن يلتزم الحاج بالتحلي بالاحترام والاعتبار لحالة الآخرين في الأماكن المقدسة.
وأضافت دار الإفتاء أن الواجب على الحجاج – سواء كانوا محرمين أو غير محرمين – هو أن يتحلوا بالوقار أثناء تواجدهم في هذه الأماكن المقدسة، ويجب أن يكون الهدف الأول من أداء مناسك الحج هو الخشوع والتضرع إلى الله، مع الالتزام بالأدب الذي يتطلبه المكان، وأوضحت الفتوى أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بتعظيم البيت الحرام واحترام قدسيته، وأن التصوير المبالغ فيه قد يعكر صفو هذا الاحترام، ويجعل الحاج يتشتت عن الهدف الأسمى من هذه الرحلة الروحانية.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن من أهم جوانب الحج هو الانقطاع عن الملهيات والشهوات الدنيوية، بما في ذلك التقاط الصور التذكارية، ففي لحظات الحج، يجب أن ينشغل القلب بالله، ويكون الفكر متوجهًا إلى رضا الله ومغفرته، وأكدت أنه من الأفضل للحاج أن يظل مركزًا على العبادة والتضرع، بدلاً من الانشغال بالأمور المادية التي قد تؤثر على تركيزه.
كما لفتت دار الإفتاء إلى أن المبالغة في التصوير قد تُعد من الأفعال المنافية لحالة الحاج الروحية، حيث من غير المناسب أن ينشغل المسلم عن أداء المناسك بأي من أمور الدنيا أثناء وجوده في أقدس الأماكن، فالحج في حقيقته هو رحلة روحية إلى الله، وليس مجرد رحلة سياحية أو فرصة لالتقاط الصور التذكارية.
وأوضحت الفتوى أنه في حالة الرغبة في توثيق اللحظات الروحانية، ينبغي على الحاج أن يحرص على أن يكون التصوير غير مزعج للآخرين ولا يعطل أداء المناسك، يمكن القيام بذلك بصورة معتدلة، مع الحفاظ على الاحترام الكامل للبيئة المقدسة ولحظة العبادة، بحيث لا يكون التصوير سببًا للانشغال عن الهدف الأساسي من الحج، وبذلك سيكون الحاج قد التزم بآداب الحج وأدى مناسكه بطريقة صحيحة تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية.
وأكدت دار الإفتاء المصرية على أن الأصل في الحج هو الخشوع والطاعة لله تعالى، وأن التصوير قد يكون جائزًا ولكن ضمن حدود، مع ضرورة مراعاة احترام الآخرين وعدم المبالغة فيه، من المهم أن يكون الحاج في حالة من الانقطاع عن الملهيات والتركيز على العبادة، بحيث يكون حجُّه مبرورًا ومقبولًا، ولا يكتفي فقط بالصور التذكارية، بل يسعى إلى أن يكون عمله لله خالصًا، لينال الأجر والثواب، ويعود من رحلته وقد غُفرت ذنوبه وكُفرت سيئاته.