لتقليل السكر فى الدم.. التوقيت المناسب لتناول الإفطار
مرض السكري من النوع 2 (T2D) هو أحد الأمراض المزمنة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويؤدي إلى تدهور قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم، مع تزايد معدلات الإصابة به، يزداد البحث في طرق جديدة وفعالة للتحكم في المرض والحد من تأثيراته الضارة على حياة المرضى، إحدى هذه الدراسات التي تقدم بصيصًا من الأمل للمرضى هي دراسة حديثة نشرت في مجلة Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews، والتي تناولت تأثير تعديل توقيت وجبة الإفطار والمشي بعد الوجبة على مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع 2.
توقيت تناول الإفطار المناسب
تبدأ الدراسة بفحص العلاقة بين توقيت تناول الإفطار ونسبة السكر في الدم، حيث أجريت تجربة عشوائية محكومة شملت 14 مشاركًا مصابًا بمرض السكري من النوع 2 تتراوح أعمارهم بين 30 و70 عامًا، تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات وفقًا لتوقيت الإفطار: “الإفطار المبكر” عند الساعة 07:00 صباحًا، “الإفطار المتأخر” عند الساعة 09:30 صباحًا، و”الإفطار في وقت متأخر جدًا” عند الساعة 12:00 ظهرًا. وكانت الفرضية الرئيسية للدراسة هي أن توقيت تناول الوجبة يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستويات السكر في الدم بعد الأكل.
أظهرت نتائج الدراسة أن التوقيت المتأخر للإفطار (بين الساعة 09:30 والساعة 12:00) يؤدي إلى انخفاض كبير في مستويات السكر في الدم بعد الوجبة مقارنة بتناول الإفطار في الساعة 07:00 صباحًا، وتحديدا، وجد الباحثون أن الإفطار الذي يتم تناوله في الساعة 09:30 و12:00 يؤدي إلى تقليل مستويات السكر في الدم بمقدار يصل إلى 57 مليمول/لتر × 2 ساعة و41 مليمول/لتر × 2 ساعة على التوالي، مقارنة بالإفطار المبكر.
ولكن النتائج لم تتوقف عند هذه النقطة، حيث أظهرت الدراسة أيضًا فائدة إضافية لممارسة النشاط البدني بعد تناول الطعام، فقد طُلب من المشاركين المشي بسرعة لمدة 20 دقيقة بعد تناول الإفطار، وقد أظهرت النتائج أن المشي بعد الإفطار يساهم في تقليل مستويات السكر في الدم، خاصة لأولئك الذين يتناولون الإفطار في الساعة 07:00 و12:00، ومع ذلك لم يظهر هذا التأثير عند المشاركين الذين تناولوا الإفطار في الساعة 09:30.
يعد هذا الاكتشاف من أهم نتائج الدراسة، حيث يسلط الضوء على كيفية تأثير توقيت الإفطار على استجابة الجسم للسكر في الدم، كما يقدم دليلًا إضافيًا على أن تعديل توقيت وجبة الإفطار يمكن أن يكون استراتيجية بسيطة وفعالة لتحسين إدارة مرض السكري من النوع 2، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على تغييرات نمط الحياة كجزء من العلاج.
ومن المهم أن نشير إلى أن مرض السكري من النوع 2 هو حالة مزمنة تحتاج إلى معالجة شاملة تشمل تغيير نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني، وتعد الدراسات الحديثة مثل هذه خطوة هامة نحو تحسين النتائج الصحية للمرضى من خلال تدخلات غير جراحية، تشير هذه الدراسة إلى أن توقيت الوجبات، بما في ذلك الإفطار، هو عامل مهم يجب أخذه في الاعتبار ضمن استراتيجيات إدارة مرض السكري.
تتسق هذه النتائج مع أبحاث سابقة التي تناولت تأثير توقيت الوجبات على مستويات السكر في الدم، مما يجعل من الضروري أن تستمر الأبحاث في هذا المجال لفهم الدور الذي يمكن أن يلعبه التوقيت بشكل أعمق، كما أن هناك حاجة ملحة لإجراء دراسات أكبر تشمل عينات أكبر من المرضى للتحقق من هذه النتائج وتحديد الآثار طويلة المدى لهذا التدخل البسيط.
إضافة إلى ذلك، تفتح هذه الدراسة الباب أمام المزيد من الأبحاث التي يمكن أن تدرس دور النشاط البدني بشكل مفصل في تعديل مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع 2، وتتمثل أهمية هذه الدراسات في إمكانية توفير تدخلات صحية يمكن تنفيذها بسهولة في الحياة اليومية، مثل تغيير توقيت الوجبات وممارسة المشي بعد تناول الطعام، التي يمكن أن تساعد في تحسين التحكم في المرض وتقليل الحاجة إلى الأدوية بشكل كبير.
في النهاية، توفر هذه الدراسة ملامح استراتيجية مبتكرة وغير مكلفة لإدارة مرض السكري من النوع 2، قد تساعد في تحسين حياة المرضى على المدى الطويل، إن تقليص الاعتماد على العلاجات الدوائية من خلال تعديل بسيط في نمط الحياة، مثل توقيت الإفطار، هو خطوة نحو تحسين جودة الحياة للمرضى والحد من العبء الاقتصادي والطبّي الذي يسببه هذا المرض المنتشر عالميًا.