الإفتاء توضح الحكم الشرعى لإخراج الفقير زكاة الفطر؟

مع دخول شهر رمضان المبارك وبدء العد التنازلي لموعد إخراج زكاة الفطر، يتساءل الكثيرون عن حكم إخراجها، وخاصة الفقراء ومحدودي الدخل الذين قد لا يملكون فائضًا عن حاجاتهم الأساسية، فهل تجب عليهم الزكاة أم يسقط عنهم هذا الواجب؟.
أجاب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، عن هذا التساؤل موضحًا الحكم الشرعي استنادًا إلى المذاهب الفقهية المعتبرة، حيث أشار إلى أن زكاة الفطر فرض على كل مسلم يخرجها عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، وذلك وفقًا لما ورد في كتاب «الدر المختار» للعلامة الحصكفي، والذي نص على وجوب إخراج زكاة الفطر على كل مسلم حر، سواء كان صغيرًا أم كبيرًا، حتى وإن كان مجنونًا، بشرط أن يكون لديه ما يزيد عن حاجته الأساسية.
وأوضح الدكتور علي جمعة أن الحاجة الأساسية تشمل الأمور الضرورية التي لا غنى عنها للإنسان مثل الطعام والمسكن والملابس، وبالتالي فإن من لا يملك ما يزيد عن حاجته من هذه الأمور لا تجب عليه زكاة الفطر، وهو ما يرفع الحرج عن الفقراء غير القادرين على أدائها، وهذا التوضيح يزيل القلق لدى كثير من الناس الذين يظنون أن عليهم إخراج الزكاة حتى إن كانوا يعانون من ضيق ذات اليد.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر على شكل مواد غذائية؟
يرى جمهور العلماء أن زكاة الفطر يجب أن تكون من غالب قوت أهل البلد، أي من الطعام الأساسي الذي يعتمد عليه الناس في معيشتهم، مثل الأرز أو القمح أو الذرة، ولذلك فإن إخراجها على شكل مواد غذائية هو الأفضل والأقرب للسنة النبوية، حيث كان النبي ﷺ يخرج زكاة الفطر من التمر أو الشعير، وهما من الأغذية الأساسية في زمنه.
وعليه، فإن بعض العلماء يرون أن الشنطة الرمضانية، التي تحتوي على مواد غذائية مثل الأرز والقمح بالقدر المحدد شرعًا، وهو ما يعادل ثلاثة كيلوجرامات تقريبًا من الأرز مثلًا، تعتبر كافية عن زكاة الفطر بشرط أن يتم توزيعها على الفقراء فقط، إذ يجب ضمان وصولها إلى المستحقين الذين تنطبق عليهم شروط استحقاق الزكاة.
لكن هناك إشكالية تتعلق بطريقة توزيع هذه الشنط، حيث إن بعض المؤسسات الخيرية أو الأشخاص قد يوزعونها دون تدقيق، مما قد يؤدي إلى وصولها إلى من لا يستحقونها شرعًا، ولذلك يشدد العلماء على أهمية التأكد من أن الزكاة تصل إلى مستحقيها الحقيقيين حتى تكون مقبولة شرعًا.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا؟
هناك خلاف فقهي بين العلماء حول مسألة إخراج زكاة الفطر نقدًا بدلاً من تقديمها كمواد غذائية، فقد ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب إخراجها من الطعام، بينما يرى فقهاء المذهب الحنفي أنه يجوز إخراجها نقدًا، وذلك لأن النقود قد تكون أنفع للفقير، حيث تتيح له شراء ما يحتاجه تحديدًا بدلاً من أن يقتصر على نوع معين من الطعام.
وبناءً على هذا الرأي، أجازت دار الإفتاء المصرية إخراج زكاة الفطر نقدًا، معتبرة أن ذلك يحقق المصلحة للفقير وييسر عليه تلبية احتياجاته الأساسية، وبذلك إذا كانت قيمة الشنطة الرمضانية تساوي أو تزيد على الحد الأدنى لقيمة زكاة الفطر المحددة، فإنها تُجزئ عند من يأخذ بهذا القول، وهو ما يعمل به كثير من المسلمين في مصر والدول الأخرى.
متى يجب إخراج زكاة الفطر؟
توقيت إخراج زكاة الفطر من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، حيث يرى المالكية والحنابلة أنه يجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط، أما الشافعية والحنفية فيرون أنه يمكن تعجيل إخراجها من أول يوم في رمضان، وهو ما يعمل به كثير من المسلمين اليوم لتسهيل إيصالها إلى مستحقيها في الوقت المناسب.
لكن رغم اختلاف التوقيت، فإن الأهم هو الحرص على إخراجها قبل صلاة العيد، لأن النبي ﷺ أمر بأن تُخرج قبل الصلاة حتى تكون طهرة للصائم ومساعدة للفقراء قبل يوم العيد، ومن أخرجها بعد الصلاة فإنها لا تعد زكاة وإنما تُحسب كصدقة عادية.
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم لديه ما يزيد عن حاجته الأساسية، أما الفقير الذي لا يملك ما يكفيه فلا تجب عليه، كما أن إخراجها على شكل طعام هو الأصل، لكن يجوز إخراجها نقدًا لمن يأخذ برأي الحنفية، وهو ما تجيزه دار الإفتاء المصرية، وبغض النظر عن طريقة الإخراج، فإن الأهم هو الحرص على إيصالها إلى مستحقيها في الوقت المحدد حتى تؤدي الغرض منها وتكون مقبولة شرعًا.