ما مقدار القراءة في صلاة التراويح؟.. تعرف على أقوال الفقهاء

اتفق الفقهاء على أن مقدار القراءة في صلاة التراويح يُجزئ فيه ما يُجزئ في سائر الصلوات، كما أجمعوا على استحباب ختم القرآن الكريم خلال الشهر الفضيل، وهذا ما يُستدل عليه من الأدلة الشرعية وأقوال أئمة المذاهب الأربعة.
وقد ورد في صحيح البخاري ومسلم عن السيدة فاطمة -رضي الله عنها- أنها قالت: “أسرَّ إلي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن جبريل كان يُعارضني بالقرآن كل سنة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي”، يستنبط من هذا الحديث الشريف حرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على تلاوة القرآن وتكراره في شهر رمضان، الأمر الذي جعل الفقهاء يرون أن ختم القرآن مرة واحدة في صلاة التراويح هو الحد الأدنى المشروع، وما زاد عن ذلك فهو مستحب ويؤدي إلى زيادة الأجر والثواب.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى القول بأن قراءة عشر آيات في كل ركعة من ركعات التراويح هو السنة، وذلك ليتم ختم القرآن مرة واحدة في الشهر، ومع ذلك فقد أكد على أن من قرأ أقل من ذلك فإن صلاته صحيحة ومجزئة، وهذا الرأي يتفق معه جمهور الفقهاء في أن قراءة ما تيسر من القرآن في التراويح كافٍ لصحتها، وإن كانت الزيادة أفضل وأكمل.
صلاة التراويح في المنزل
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن أداء صلاة التراويح في المنزل جائز شرعًا، إلا أن صلاتها في المسجد مع الجماعة أفضل على رأي جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، واستندت الدار في ذلك إلى ما ذكره الإمام ابن قدامة في كتابه “المغني”، حيث قال: “المختار عند أبي عبد الله فعلها –أي صلاة التراويح- في الجماعة”، واستشهد بما روي عن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه كان يصلي التراويح في الجماعة.
ومع ذلك، فإن مذهب المالكية يرى أن أداء صلاة التراويح في المنزل أفضل في بعض الحالات، وقد وضّح الصاوي في “حاشيته على الشرح الصغير” أن هذا الأفضلية مشروطة بثلاثة أمور: ألا تُعطَّل المساجد، وأن يكون المصلي نشيطًا لأداء الصلاة في منزله، وألا يكون في الحرمين الشريفين، فإن تخلّف أي من هذه الشروط كانت الصلاة في المسجد أفضل.
وتشير دار الإفتاء إلى أن اختيار المسلم لصلاة التراويح في المنزل أو في المسجد أمر يتوقف على ظروفه ونيته، فمن كان يجد في نفسه القدرة على الخشوع وإتمام الصلاة في المنزل فله ذلك، أما إذا كانت الجماعة تشجعه على إتمامها بنشاط فالصلاة في المسجد أولى.
إمامة المرأة للنساء في صلاة التراويح
تعد مسألة إمامة المرأة للنساء في صلاة التراويح من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، حيث أجاز كثير من العلماء أن تؤم المرأة النساء في صلاة التراويح بشرط أن تقف وسطهن لا أمامهن، وذلك اتباعًا لما ورد من فعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما أمت بعض النساء في الصلاة.
وفي سياق آخر، أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإمامة في الصلاة من الأمور التعبدية التي شرعها الله تعالى وحدد شروطها، ومن بينها أن يكون الإمام ذكرًا عند الصلاة المختلطة، وقد أوضح أن هذا ليس من باب الانتقاص من المرأة، بل هو من باب التكريم ومراعاة الحياء والأدب في صفوف الصلاة.
وأضاف أن الإسلام كرّم المرأة وحفظ لها مكانتها، ومن هذا التكريم أن تصلي المرأة خلف صفوف الرجال حفاظًا على الحياء وصونًا للعفة، مستشهدًا بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أمر فيه بالاقتداء بالخلفاء الراشدين.
أما من ناحية التطبيق العملي، فقد جرى العمل في تاريخ المسلمين على أن إمامة الرجال في الصلاة خاصة بالذكور، بينما يمكن للمرأة أن تؤم النساء في صلاة التراويح أو غيرها من الصلوات النافلة، وتظل هذه المسألة محلاً للاجتهاد، مع مراعاة أن الأصل هو التيسير على الناس وعدم التشدد في العبادات.
خلاصة الأحكام المتعلقة بصلاة التراويح
يتضح من أقوال الفقهاء أن الحد الأدنى المقبول في قراءة القرآن خلال صلاة التراويح هو ما يجزئ في غيرها من الصلوات، بينما يستحب ختم القرآن مرة واحدة خلال الشهر، ويزداد الفضل كلما كثر مقدار القراءة.
أما بخصوص أدائها في المنزل، فهي جائزة شرعًا لكن أداءها في المسجد أفضل إذا لم توجد أعذار تمنع ذلك، مع اعتبار ظروف الشخص وما يحقق له الخشوع.
وفيما يتعلق بإمامة المرأة للنساء، فهي جائزة مع التزام الضوابط الشرعية في كيفية وقوفها أثناء الصلاة، بينما لا يجوز للمرأة إمامة الرجال في صلاة الجماعة، وذلك وفقًا لما استقر عليه عمل المسلمين وأقوال جمهور الفقهاء.