السبت 19 أبريل 2025 الموافق 21 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

ما بين وخز العدوى ولهيب الألم.. رحلة مع مرض الحزام الناري

الحزام الناري
الحزام الناري

يُعد الحزام الناري أحد الأمراض الفيروسية التي قد لا يُدركها البعض إلا بعد فوات الأوان، فهو من الحالات الصحية التي تجمع بين شدة الألم وطبيعة العدوى، وينجم الحزام الناري عن إعادة تنشيط فيروس الجدري المائي الكامن في الجسم بعد سنوات طويلة من الإصابة الأولية به، وغالبًا ما يظهر هذا المرض على شكل طفح جلدي مؤلم يحيط بمنطقة معينة من الجلد كالحزام، ومن هنا جاءت تسميته، ويشكل هذا المرض تحديًا صحيًا خاصة عند كبار السن أو من يعانون من ضعف في الجهاز المناعي.

الفيروس الكامن الذي لا ينام

ينتمي فيروس الحزام الناري إلى نفس العائلة الفيروسية التي تسبب الجدري المائي، فبعد أن يتعافى الشخص من الجدري في الطفولة يبقى الفيروس مختبئًا في العقد العصبية قرب العمود الفقري، وقد يظل في حالة سكون لسنوات أو حتى لعقود، ولكن عند تراجع مناعة الجسم لأي سبب مثل التقدم في السن أو التعرض لضغط نفسي أو الإصابة بمرض مزمن، يمكن للفيروس أن ينشط مجددًا ويأخذ شكل الحزام الناري الذي يظهر غالبًا في جهة واحدة من الجسم ويصحبه ألم حارق قد يسبق الطفح الجلدي بأيام.

أعراض لا تُحتمل

تتعدد أعراض الحزام الناري بين ما هو ظاهر على الجلد وما هو محسوس في الأعصاب، وتبدأ رحلة المريض غالبًا بألم موضعي أو شعور بالحرقة أو الوخز في منطقة محددة، يليها ظهور الطفح الجلدي الذي يأخذ شكل شريط من البثور الصغيرة الممتلئة بالسوائل، وهذه البثور تنفجر لاحقًا وتجف لتتحول إلى قشور، وقد يرافق ذلك أعراض أخرى مثل الحمى والصداع والإرهاق الشديد، وفي بعض الحالات قد تستمر الآلام العصبية لفترات طويلة بعد زوال الطفح، وهي حالة تُعرف بالألم العصبي التالي للهربس.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة

الحزام الناري لا يفرق بين الناس، إلا أن بعض الفئات تُعد أكثر عرضة للإصابة به، من بينهم كبار السن الذين تجاوزوا الخمسين عامًا، وأيضًا من يعانون من ضعف في الجهاز المناعي كمرضى السرطان أو الإيدز أو من يتناولون أدوية مثبطة للمناعة، كما يمكن أن يظهر الحزام الناري عند من تعرضوا لضغط نفسي شديد أو إرهاق مزمن، وفي بعض الحالات تم رصد إصابات لدى الشباب الأصحاء ولكن بنسبة أقل.

هل الحزام الناري معدٍ؟

من الأسئلة الشائعة حول هذا المرض هو ما إذا كان معديًا أم لا، والإجابة تحمل شيئًا من الدقة، فالحزام الناري لا ينتقل من شخص إلى آخر بنفس الطريقة التي تنتقل بها نزلات البرد أو الإنفلونزا، ولكنه قد ينقل فيروس الجدري المائي إلى من لم يصابوا به من قبل، أي أن شخصًا لم يصب أبدًا بالجدري قد يُصاب به إذا لامس بثور الحزام الناري المفتوحة عند شخص مصاب، ومن ثم يصبح هو الآخر معرضًا للإصابة بالحزام الناري لاحقًا، ولذلك يُنصح دائمًا بتغطية الطفح وتجنب لمسه أو مشاركة الأدوات الشخصية.

خيارات العلاج وتخفيف المعاناة

لا يوجد علاج نهائي للقضاء على فيروس الحزام الناري بشكل كامل، إلا أن العلاج يهدف إلى تقليل مدة الإصابة وشدة الأعراض ومنع حدوث مضاعفات، ويُوصى دائمًا بالبدء في العلاج خلال أول 72 ساعة من ظهور الطفح، حيث توصف مضادات الفيروسات مثل الأسيكلوفير أو فامسيكلوفير والتي تعمل على إبطاء نشاط الفيروس، كما يُستخدم مسكنات الألم الموضعية والفموية للسيطرة على الألم، وقد يُنصح أحيانًا باستخدام مضادات الاكتئاب أو مضادات التشنجات لعلاج الآلام العصبية المستمرة، وفي بعض الحالات الشديدة يتم اللجوء إلى الحقن العصبية الموضعية.

مضاعفات قد تترك أثراً طويلاً

من أكثر مضاعفات الحزام الناري شيوعًا هي حالة الألم العصبي التالي للهربس، وهي آلام تستمر لأشهر أو حتى سنوات بعد شفاء الطفح الجلدي، وتكون هذه الآلام شديدة ومزعجة وقد تؤثر على جودة حياة المريض بشكل كبير، كما أن بعض الحالات النادرة قد تواجه مضاعفات في العين إذا كان الطفح قريبًا منها، أو في الأذن مما يؤدي إلى فقدان السمع المؤقت أو الدوار، وتزداد هذه المضاعفات عند تأخر العلاج أو ضعف الاستجابة الدوائية.

الوقاية ممكنة بل وضرورية

الوقاية من الحزام الناري أصبحت ممكنة بفضل اللقاح المتوفر والمخصص للبالغين فوق سن الخمسين، حيث أظهرت الدراسات أن هذا اللقاح يقلل من احتمال الإصابة بالمرض بنسبة كبيرة، ويخفف من حدة الأعراض في حال حدوث الإصابة، كما يُنصح بالحفاظ على نمط حياة صحي يعزز المناعة، من خلال التغذية الجيدة والنوم الكافي والابتعاد عن مصادر التوتر المزمن.

يظل الحزام الناري من الأمراض التي قد تبدو بسيطة في بدايتها ولكنها تحمل بين طياتها الكثير من المعاناة إذا لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب، ومعرفة أعراضه وأسبابه وطرق علاجه والوقاية منه أمر ضروري لكل شخص، خاصة لمن هم فوق سن الخمسين أو من يعانون من أمراض مزمنة، فكلما زاد الوعي قلت فرص الألم والمعاناة، وأصبح الطريق نحو الشفاء أقصر وأيسر.

تم نسخ الرابط