تفشي فيروس ماربورج في تنزانيا.. هل يحوّل المرضى إلى أشباح حقًا؟
أطلقت وكالة الصحة الأفريقية تحذيرات عاجلة بشأن تفشي فيروس ماربورج، المعروف أيضًا باسم “فيروس العين”، وذلك بعد تسجيل وفاة تسعة أشخاص في تنزانيا، وأكدت الوكالة أن هذا الفيروس يُعد واحدًا من أخطر مسببات الأمراض التي تم اكتشافها على الإطلاق، حيث أصيب به عشرة أشخاص منذ إعلان السلطات التنزانية رسميًا عن تفشيه خلال الأسبوع الماضي.
ووفقًا لما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن فيروس ماربورج هو نوع من الحمى النزفية الفيروسية التي تؤدي إلى تلف الأعضاء والأوعية الدموية، مما يتسبب في حدوث نزيف داخلي حاد، كما قد يؤدي إلى نزيف خارجي من العينين والفم والأذنين، ويعد الفيروس شديد العدوى، حيث ينتقل من شخص إلى آخر من خلال ملامسة سوائل جسم المصاب، مثل الدم أو اللعاب أو العرق، أو عبر التعامل مع الأسطح الملوثة بهذه السوائل، كما يمكن أن ينتقل أيضًا من الحيوانات البرية المصابة إلى البشر.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة وأعراض المرض
يُعتبر الأشخاص الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الخفافيش، وخاصة خفافيش الفاكهة التي يُعتقد أنها المصدر الرئيسي للفيروس، من الفئات الأكثر عرضة للإصابة، بالإضافة إلى أولئك الذين يعملون في المناجم أو الكهوف التي تأوي هذه الخفافيش، وتظهر أعراض الإصابة بفيروس ماربورج بشكل مفاجئ.
وتشمل الصداع الحاد، الحمى المرتفعة، الإسهال، آلام المعدة، والقيء، ومع تقدم المرض، تزداد الأعراض خطورة، حيث يصبح من الصعب التمييز بينه وبين أمراض استوائية أخرى مثل الإيبولا والملاريا، مما يزيد من تعقيد عملية التشخيص والعلاج.
الجهود الصحية لمكافحة التفشي
من جانبها، أعلنت السلطات الصحية في تنزانيا عن تحديد ما يقرب من 281 شخصًا كانوا على اتصال مباشر بالمصابين، وهم يخضعون حاليًا للمراقبة الدقيقة لرصد أي علامات تدل على الإصابة، ويعتقد العلماء أن الفيروس ينتقل إلى البشر في البداية من خلال التعامل المباشر مع خفافيش الفاكهة، ثم ينتشر بين الأشخاص عبر الاتصال المباشر بسوائل المصابين أو ملامسة الأسطح الملوثة.
ورغم الجهود المكثفة للحد من انتشار المرض، إلا أن عدم وجود لقاحات أو علاجات متاحة حتى الآن يزيد من صعوبة التعامل معه، حيث يعتمد الأطباء على تقديم الرعاية الداعمة للمرضى بهدف مساعدتهم على البقاء على قيد الحياة حتى يتمكن الجهاز المناعي من مقاومة الفيروس، وتتركز هذه الرعاية على تعويض السوائل المفقودة، والحفاظ على استقرار ضغط الدم، ودعم وظائف الأعضاء الحيوية.
مخاطر الإصابة للعاملين في المجال الصحي
يمثل تفشي فيروس ماربورج خطرًا كبيرًا على العاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث إنهم أكثر عرضة للإصابة أثناء تقديم الرعاية للمصابين، خاصة مع غياب وسائل علاجية فعالة، وتزداد الخطورة عند التعامل المباشر مع المرضى دون اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.
مما قد يؤدي إلى إصابتهم بالعدوى ونقلها إلى الآخرين، وفي بعض الحالات الشديدة، قد يؤدي الفيروس إلى نزيف حاد من العينين، وهو ما يجعل المرضى يبدون وكأنهم ينزفون دمًا من أعينهم، مما أثار حالة من الذعر بين السكان.
ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة
ونظرًا لخطورة الوضع، دعت منظمة الصحة العالمية والسلطات المحلية في تنزانيا إلى تكثيف الجهود لاحتواء الفيروس ومنع تفشيه على نطاق أوسع، كما شددت على ضرورة توعية السكان بأهمية تجنب التعامل المباشر مع المصابين أو ملامسة سوائلهم، وضرورة اتخاذ الاحتياطات الصحية اللازمة عند التعامل مع الحيوانات البرية.
في ظل عدم توفر لقاح أو علاج محدد حتى الآن، تعتمد استراتيجيات مكافحة المرض على العزل الفوري للحالات المشتبه بها، والتعامل مع أي أعراض تظهر على المخالطين بحذر شديد، إضافة إلى تقديم الدعم الطبي اللازم للمصابين، ولا يزال الباحثون يعملون على تطوير لقاحات وعلاجات فعالة لمواجهة هذا الفيروس القاتل، ولكن حتى ذلك الحين، تبقى الإجراءات الوقائية هي السبيل الوحيد للحد من انتشاره وتقليل أعداد الضحايا.
فيروس ماربورج
يعد تفشي فيروس ماربورج في تنزانيا جرس إنذار خطير بشأن الأوبئة الفيروسية التي قد تهدد الصحة العامة، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية الصحية، ومع غياب العلاجات الفعالة، فإن الالتزام بالتدابير الوقائية والتوعية بأعراض المرض وطرق انتقاله يُعتبران خط الدفاع الأول لمواجهة هذه الأزمة الصحية الطارئة.