هل يجب الصيام على مريض ألزهايمر؟ وما فدية الإفطار؟.. الإفتاء توضح

تعد مسألة صيام مريض ألزهايمر من القضايا التي تشغل بال الكثير من الأسر، خاصة مع تزايد أعداد المصابين بهذا المرض الذي يؤثر بشكل كبير على الذاكرة والإدراك، وقد أوضح الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية والمستشار الأكاديمي السابق لمفتي الجمهورية، حكم صيام مريض ألزهايمر في رمضان، وما إذا كان عليه قضاء أو فدية في حال أفطر.
مريض ألزهايمر وحالاته المختلفة
أوضح الدكتور مجدي عاشور أن مرض ألزهايمر يمر بمراحل ودرجات مختلفة، فليس كل من أصيب به يكون فاقدًا للإدراك بالكامل، فقد يكون المريض في مراحله الأولى حاضر الذهن والوعي لكنه يعاني من نسيان بعض الأمور في أوقات متفرقة، وفي هذه الحالة إذا أكل أو شرب أثناء الصيام ناسيًا، فإنه لا يفطر، وهذا بناءً على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من أكل ناسيًا وهو صائم فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”، وكذلك الحديث الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، مما يعني أن النسيان لا يفسد الصوم، بل يجب تنبيه المريض برفق عندما يُلاحظ أنه قد أكل أو شرب في نهار رمضان.
أما إذا كان مريض ألزهايمر قد وصل إلى مرحلة متقدمة لم يعد فيها يدرك الأشخاص من حوله، حتى لو كانوا من أقرب الناس إليه، فإن ذلك يعد من علامات فقدان العقل والإدراك، وهنا لا يكون مكلفًا بالصيام من الأساس، إذ أن الصوم يشترط له العقل، وبهذا يسقط عنه وجوبه، ولا يكون عليه فدية أو قضاء، لأنه غير مسؤول شرعًا عن الصيام في هذه الحالة.
حكم صيام المريض في رمضان
فيما يتعلق بحكم صيام الشخص المريض بشكل عام في رمضان، فقد أكد الدكتور محمد عياد، مفتي الجمهورية، أن الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ورفع الحرج عن المسلمين، مشيرًا إلى أن الإسلام جاء للحفاظ على صحة الإنسان وسلامته، ولذلك لا يجوز للمريض الذي ينهكه الصيام أو يزيد من تدهور حالته الصحية أن يصوم، خاصة إذا كان الطبيب قد نصحه بعدم الصيام، وفي هذه الحالة يجوز له الإفطار على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد انتهاء رمضان إذا تحسنت حالته الصحية وأصبح قادرًا على الصيام.
وأكد المفتي أن الطبيب المختص هو الجهة التي تحدد ما إذا كان الصيام مضرًا بحالة المريض أم لا، وليس الأمر متروكًا لتقدير الشخص نفسه، لأن الصيام عبادة تحتاج إلى صحة وقدرة على التحمل، وإذا قرر الطبيب أن الصيام سيؤثر سلبًا على صحة المريض، فإن الإفطار يصبح واجبًا عليه، وليس مجرد رخصة، لأنه لا يجوز للإنسان أن يضر بنفسه.
صيام أصحاب المهن الشاقة في رمضان
أما عن صيام أصحاب المهن الشاقة الذين يواجهون صعوبة كبيرة في تحمل مشقة العمل مع الصيام، فقد أوضح الدكتور محمد عياد أن الأصل هو وجوب الصيام على الجميع، لكن إذا كان الشخص يعمل في مهنة تتطلب مجهودًا بدنيًا شاقًا مثل العمال الذين يعملون تحت الشمس الحارقة أو في المصانع التي تحتاج إلى قوة بدنية عالية، وكان الصيام يسبب لهم ضررًا شديدًا أو يجعلهم غير قادرين على القيام بعملهم، فإنه يجوز لهم الإفطار أثناء النهار.
وأضاف أن هناك حالتين لأصحاب هذه المهن، الأولى أن يكون بإمكانهم تعويض الصيام في وقت لاحق بعد انتهاء رمضان عندما يكونون في إجازة أو في ظروف تسمح لهم بالصيام دون مشقة شديدة، وهنا يجب عليهم قضاء الأيام التي أفطروها بعد انتهاء الشهر الكريم، أما الحالة الثانية فهي عندما يكون العمل الشاق مستمرًا طوال العام ولا يمكنهم التوقف عنه أو تعويض الصيام لاحقًا، ففي هذه الحالة يجب عليهم إخراج الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطروه.
الإسلام دين التيسير ورفع الحرج
أكد الدكتور محمد عياد أن الشريعة الإسلامية قائمة على الرحمة والتيسير، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، وهذا يشمل جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام، فالمريض والمسافر وأصحاب المهن الشاقة لهم رخصة الإفطار إذا تعذر عليهم الصيام، مع مراعاة إما القضاء لمن يستطيع ذلك أو إخراج الفدية لمن لا يتمكن من القضاء.
وأشار إلى أن الهدف من الصيام هو تحقيق التقوى والالتزام بأوامر الله، وليس إرهاق النفس وتحميلها فوق طاقتها، لذلك يجب على المسلم أن يراعي حالته الصحية وقدرته على الصيام، وأن يستشير أهل العلم والأطباء المتخصصين إذا كان يعاني من مرض يمنعه من الصيام، حتى لا يضر بصحته أو يخالف تعاليم الدين التي تدعو إلى الحفاظ على النفس.
يختلف حكم صيام مريض ألزهايمر حسب درجة المرض، فإذا كان لا يزال في بداية إصابته ويدرك الأمور لكنه ينسى بعض الأحيان، فإنه يجب عليه الصيام، وإذا أكل أو شرب ناسيًا فصيامه صحيح، أما إذا وصل إلى مرحلة متقدمة من فقدان الوعي ولم يعد يدرك من حوله، فإنه يُعد غير مكلف بالصيام، وليس عليه قضاء أو فدية، وبالنسبة للمريض عمومًا، فإن الطبيب هو الذي يحدد قدرته على الصيام، فإذا نصحه بالإفطار فعليه أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها لاحقًا، أما أصحاب المهن الشاقة فلهم رخصة الإفطار مع القضاء إذا تمكنوا، أو إخراج الفدية إذا تعذر عليهم الصيام لاحقًا، وهذا كله يدل على يسر الإسلام ورحمته بعباده.