صلاة التسابيح في الجمعة الأخيرة من رمضان.. تغفر الذنوب وتجلب الرزق

يُعد يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، وهو يومٌ مميز يحرص فيه المسلمون على أداء صلاة التسابيح والعبادات والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ومن أفضل ما يمكن للمسلم أن يودّع به هذا الشهر الفضيل هو أداء صلاة التسابيح، حيث تعدّ من الصلوات النافلة التي تكفر الذنوب وتفرّج الكروب، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بها، إذ علّم الصحابة كيفية أدائها، وبيّن فضلها العظيم، حيث إنها تغفر الذنوب، وتيسر الأمور، وتزيل الهموم، وتقضي الحاجات، وتمنح الطمأنينة للنفس.
كيفية أداء صلاة التسابيح
تصلى صلاة التسابيح أربع ركعات بتسليمة واحدة، وفي كل ركعة يقرأ المصلي سورة الفاتحة وسورة قصيرة يختارها، وبعد الانتهاء من القراءة، وقبل الركوع، يردد التسبيحات التالية: “سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر” خمس عشرة مرة، ثم يركع، وبعد التسبيح المعتاد في الركوع يردد التسبيحات السابقة عشر مرات.
عند الرفع من الركوع، وقبل السجود، يقول التسبيحات نفسها عشر مرات، ثم يسجد، وبعد التسبيح المعتاد في السجود، يقولها عشر مرات، وعند الجلوس بين السجدتين، يردد التسبيحات عشر مرات، ثم يسجد مرة أخرى ويكرر التسبيحات عشر مرات، وأخيرًا، عند الجلوس بعد السجدة الثانية، يردد التسبيحات عشر مرات قبل النهوض إلى الركعة التالية، وبذلك يكون قد كرر التسبيح خمسًا وسبعين مرة في كل ركعة، ومع إتمام الأربع ركعات يكون المجموع ثلاثمئة تسبيحة.
حكم صلاة التسابيح وصحة حديثها
اختلف العلماء حول حكم صلاة التسابيح، فمنهم من يرى أنها مستحبة، وهو رأي الشافعية والحنفية، وقول عند الحنابلة بجوازها، بينما يرى بعض العلماء أنها غير مستحبة، بحجة ضعف حديثها ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، ويُروى هذا عن الإمام أحمد، كما مال الحافظ ابن حجر في كتابه “التلخيص” إلى هذا الرأي.
إلا أن أصحاب القول الأول يرون أن صلاة التسابيح وردت من طرق كثيرة تعضد بعضها بعضًا، كما أن العديد من السلف قد حافظوا عليها، ومن ذلك ما روي عن الإمام أحمد أنه رجع عن قوله بعدم صحة الحديث، كما نقل عنه الحافظ ابن حجر في كتاب “أجوبته عن أحاديث المصابيح” أنه أعجب بإسناد حديث صلاة التسابيح.
واتفق العلماء على أن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال، وبالتالي فإن أداء صلاة التسابيح من باب الاستحباب ليس فيه إنكار، ومن حرص على أدائها فقد نال خيرًا، ومن تركها فلا إثم عليه، شريطة ألا ينكر على من يؤديها.
الأحاديث الواردة في فضلها
ورد في فضل صلاة التسابيح حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه العباس: “يا عباس، ألا أمنحك؟ ألا أعطيك؟ ألا أهديك؟ ألا أفعل لك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته”، ثم أوصاه بأداء صلاة التسابيح وبيّن عدد التسبيحات فيها وطريقتها، وقال له: “إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تستطع ففي كل شهر مرة، فإن لم تستطع ففي كل سنة مرة، فإن لم تستطع ففي عمرك مرة”.
السور المستحب قراءتها في صلاة التسابيح
يستحب أن يقرأ المصلي في الركعات الأربع سورًا تعادل في فضلها أجزاء كبيرة من القرآن، مثل:
في الركعة الأولى: سورة الزلزلة
في الركعة الثانية: سورة الكافرون
في الركعة الثالثة: سورة النصر
في الركعة الرابعة: سورة الإخلاص
وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من الثواب والاستفادة من بركة هذه السور العظيمة.
حكم أدائها في جماعة
يجوز أداء صلاة التسابيح بشكل فردي أو في جماعة، فليس هناك نص يمنع ذلك، وقد أفتى جمهور الفقهاء باستحبابها، نظرًا لكثرة الروايات التي وردت في فضلها.
فضل صلاة التسابيح
صلاة التسابيح لها فضائل عظيمة، فهي:
1.مكفّرة للذنوب: تغفر الذنوب الماضية والمستقبلية.
2.مفرّجة للكروب: تساعد في تخفيف الهموم والأحزان
3.ميسّرة للعسير: تسهّل الأمور العسيرة وتقضي الحاجات.
4.تحقق الطمأنينة: تمنح العبد راحة نفسية وسكينة
5.تؤمن الروعات: تزيل الخوف والقلق من قلب الإنسان.
6.تستر العورات: تحمي العبد من الذنوب والمعاصي.
دعاء صلاة التسابيح
يُستحب بعد الانتهاء من صلاة التسابيح أن يدعو المصلي بهذا الدعاء:
“اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجد أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك، اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك، حتى أعمل بطاعتك عملًا أستحق به رضاك، وحتى أناصحك بالتوبة خوفًا منك، وحتى أخلص لك في النصيحة حبًا لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور كلها، حسن ظني بك، سبحان خالق النور”، ثم يزيد المصلي من الدعاء بما شاء.
وقت صلاة التسابيح
يمكن أداء صلاة التسابيح في أي وقت باستثناء الأوقات المكروهة، وهي:
1.بعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس مقدار رمح (حوالي ربع ساعة بعد طلوعها).
2.عند زوال الشمس وقت الظهيرة، وهو وقت قصير لا يتجاوز ثلث الساعة.
3.بعد صلاة العصر حتى غروب الشمس، ويُستثنى من ذلك قضاء الفوائت.
أذكار بعد صلاة التسابيح
بعد أداء صلاة التسابيح يستحب للمصلي أن يقول:
1.الاستغفار ثلاثًا، ثم يقول: “اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام”.
2.ذكر الله بقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”.
3.التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثًا وثلاثين مرة لكل منها.
لماذا سميت بصلاة التسابيح؟
سميت صلاة التسابيح بهذا الاسم بسبب كثرة التسبيحات التي تشتمل عليها، حيث تحتوي على 300 تسبيحة، وهو عدد كبير مقارنة بالصلوات الأخرى، مما يجعلها صلاة متميزة في فضلها وثوابها.
تُعد صلاة التسابيح من الصلوات المستحبة التي تعين العبد على التقرب إلى الله، خاصة في الأيام المباركة مثل الجمعة الأخيرة من رمضان، لما فيها من مضاعفة للأجر والثواب، ولذلك يُستحب للمسلم أن يحرص على أدائها ولو مرة واحدة في العمر، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم.