صلاة التهجد في رمضان.. فضلها وعدد ركعاتها وكيفية أدائها

تُعدّ صلاة التهجد من أعظم القربات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، وتزداد أهميتها في شهر رمضان المبارك، حيث يجتهد المسلمون في العبادات والطاعات طلبًا للأجر والثواب، صلاة التهجد فرصة عظيمة لنيل رحمة الله ومغفرته، خاصة في العشر الأواخر من رمضان، لما فيها من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
حكم صلاة التهجد وفضلها
صلاة التهجد هي صلاة تطوعية، يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها، وهي سنة مؤكدة عن النبي محمد ﷺ، يؤديها المسلم في الليل بعد نوم يسير، وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تحث على أدائها وتُبيّن فضلها، ومن الأحاديث التي وردت في فضل صلاة التهجد ما رواه البخاري ومسلم عن النبي ﷺ أنه قال: “أحبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داودَ عليهِ السلامُ، وأحبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ، وكانَ ينامُ نصفَ الليلِ، ويقومُ ثلثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، ويصومُ يومًا، ويُفطرُ يومًا”.
وفي حديث آخر رواه البخاري، جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ إذا قام من الليل يتهجد قال: “اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن… فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
وقت صلاة التهجد
يبدأ وقت صلاة التهجد بعد أداء صلاة العشاء، ويستمر حتى أذان الفجر. وأفضل وقت لأدائها هو الثلث الأخير من الليل، حيث ورد في الحديث الشريف أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في هذا الوقت المبارك ويقول: “هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟.
ويُفرَّق بين صلاة التهجد وقيام الليل بأن التهجد يُشترط فيه النوم قبل أدائه ثم الاستيقاظ لأداء الصلاة، بينما قيام الليل يشمل أي صلاة تُصلَّى في الليل سواء قبل النوم أو بعده، وفي كلتا الحالتين يُستحب تأخير صلاة الوتر إلى ما بعد القيام، إلا إذا خشي المسلم أن يغلبه النوم فيُفضّل أن يصلي الوتر قبل أن ينام.
عدد ركعات صلاة التهجد
ليس لصلاة التهجد عدد محدد من الركعات، بل يمكن للمسلم أن يصلي ما شاء من الركعات مثنى مثنى (أي ركعتين ركعتين) ويُسن أن يختمها بركعة وتر، وقد كان النبي ﷺ غالبًا يصلي إحدى عشرة ركعة، وأحيانًا ثلاث عشرة ركعة، حيث قال: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى”.
وينبغي للمسلم في صلاة التهجد أن يطيل القراءة من القرآن الكريم، مع الخشوع والتدبر، ويكثر من الدعاء خاصة في وقت السحر، حيث تتنزل رحمات الله وتُستجاب الدعوات.
كيفية أداء صلاة التهجد
لأداء صلاة التهجد بطريقة صحيحة، يجب على المسلم أن يلتزم بما يلي:
1.النية: يعقد المسلم نية صلاة التهجد بقلبه دون التلفظ بها، فالنية محلها القلب.
2.الوضوء: يُستحب أن يكون المسلم على طهارة كاملة، فيتوضأ وضوءًا صحيحًا.
3.تكبيرة الإحرام: يستقبل القبلة ويكبر تكبيرة الإحرام، رافعًا يديه إلى مستوى الأذنين.
4.قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن: يبدأ بقراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، ثم يتبعها بما تيسر من القرآن الكريم.
5.الركوع والسجود: يركع بعد القراءة ويقول: “سبحان ربي العظيم” ثلاث مرات، ثم يرفع قائلاً: “سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد”، ثم يسجد ويقول: “سبحان ربي الأعلى” ثلاث مرات.
6.التشهد والتسليم: بعد كل ركعتين يجلس للتشهد، ثم يُسلّم عن يمينه وشماله.
ويُستحب أن يختم المسلم صلاته بركعة وتر واحدة إذا لم يكن قد أوتر بعد صلاة العشاء.
هل تجزئ صلاة التهجد عن صلاة التراويح؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة التهجد تُجزئ عن صلاة التراويح وقيام الليل، لأن جميع هذه الصلوات تدخل تحت مسمى قيام الليل. الفرق الرئيسي بين التهجد والتراويح يكمن في التوقيت وكيفية الأداء، فالتراويح تؤدى بعد صلاة العشاء وحتى قبل الفجر، وغالبًا ما تُصلى في جماعة خلال رمضان، أما التهجد فهو صلاة ليلية تُؤدى بعد النوم وغالبًا في الثلث الأخير من الليل.
هل يُفضل الجمع بين التهجد والتراويح؟
أكدت دار الإفتاء أن الجمع بين صلاة التراويح وصلاة التهجد أمر مستحب، ولكنه غير واجب، فبعض المسلمين يؤدون التراويح في أول الليل ثم يتهجدون في الثلث الأخير من الليل، بينما يكتفي البعض الآخر بأداء التهجد فقط، وكلا الأمرين صحيح ويؤدي إلى الأجر والثواب.
كما بيّنت أن الهدف الأساسي من هذه الصلوات هو التقرب إلى الله تعالى واستغلال شهر رمضان في الطاعات والعبادات، والمسلم له حرية الاختيار بين أداء التراويح بعد العشاء أو التهجد في الثلث الأخير، أو الجمع بينهما، بشرط أن يكون ذلك بما يُطيقه المسلم دون تكلف أو مشقة.
أهمية الخشوع والإخلاص في صلاة التهجد
شددت دار الإفتاء على أن العبرة في صلاة التهجد ليست بعدد الركعات، بل في الخشوع والإخلاص لله تعالى، لذا، يُستحب للمسلم أن يُخلص نيته لله، ويغتنم الأوقات المباركة بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن، طمعًا في رضوانه ومغفرته، فالإسلام دين يسر، ولا يُلزم المسلم بعدد معين من الركعات أو وقت محدد للصلاة، بل المهم هو الاجتهاد في العبادة، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.
تبقى صلاة التهجد فرصة عظيمة للمسلمين للاقتراب من الله وطلب العفو والمغفرة، ولا شك أن من يُحافظ عليها مع الإخلاص واليقين ينال أجرًا عظيمًا في الدنيا والآخرة.